د. سمير محمود
للمرحوم «نجيب الزامل» شارع يحمل اسمه بحي المزروعية في الدمام، وأثر يدل عليه في معظم مناطق المملكة، وحب بحجم الكون في قلوب الناس، وجملة تتحدى الزمن، وكل تواريخ الصلاحية؛ (يا حبي لكم)، قالها ومضى، ليشق بها نهر حب وعطاء يتدفق في صحراء أعمارنا!
«أصحاب نجيب الملهمون» مجموعة تكونت على الواتساب قبل رحيله، تضم نخبة من العقول الوطنية الملهمة، وهي امتداد لروحه الإيجابية في العطاء. انضممت مؤخرًا للمجموعة، وحضرت لقاءها السنوي الذي احتضنه «بيت الثقافة بالدمام»، مساء الثلاثاء 24 سبتمبر 2024، تزامنًا مع الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ 94.
هنا كانت مكتبة الدمام العامة، التي خضعت لتأهيل وتطوير. في مدخل بيت الثقافة، وجوه سعودية شابة ترشد وتدل وتعرض المساعدة، وتجيب بحب عن الاستفسارات، وتنصت باهتمام للملاحظات، وتتعامل بجدية مع كل المقترحات. جذبتني أصوات الأطفال يلعبون في ركن اللعب المجاور لمكتبتهم بالطابق الأرضي، فتذكرت جملة نجيب: (يا حبي لكم)!.
استمعت لشرح عن مشروع مهم لتهيئة الكتب بلغة برايل لخدمة المكفوفين، وعلمت بوجود أنشطة وبرامج لأصحاب الإعاقات، ونوادي للقراءة، وعروض ومساحات للتعلم والابتكار، واستديو للتصوير، ومسرح ومكتبة لليافعين، ومتجر، ومكتبة رئيسة، ومساحات للعمل الجماعي، وقاعات للحواسيب، تقدم منصة ثقافية اجتماعية تعليمية ترفيهية متكاملة، تحببك في البيت، وبتكرار الزيارة تصبح من أهله!
رائحة القهوة شدتني إلى حيث المقهى بالطابق الأرضي.
في طابق آخر مررت بالمصلى، ومنه إلى المكتبة الرئيسة. دفعني فضولي لأن أعرف أكثر عن نجيب الزامل (4 يوليو 1955 - 4 يناير 2020)، فوجدت مشوارًا طويلًا مع العطاء والعمل التطوعي، نال عنه شخصية العام التطوعية في عام 2011، مقالات عدة بالصحف السعودية، ولقاءات تليفزيونية متفرقة، وكتابان هما: «نزهة في سبعة أيام»، و»رسالة إلى ابنتي».. في الأحساء أسس «فريق أولاد وبنات الأحساء التطوعي»، ورأس مجلس إدارة «جمعية العمل التطوعي»، وأسس مشروع «العودة للجذور»، وجمعية «أمطار» لتكريم المسؤولين المتميزين بعد تقاعدهم، ولم يثنه مرضه، أو عضويته بمجلس الشورى في 2009، عن زرع ثقافة التطوع بالمجتمع السعودي، وانطلقت بعد رحيله «مبادرة نجيب الزامل المجتمعية» لخدمة المجتمع، وبالفكر والعمل التطوعي والكتابة بث حبه لنا، وزرع شجرة عطاء وارفة على خريطة الوطن.
في «بيت الثقافة بالدمام»، تعلمت ولمست جودة الحياة، قابلت نجيب الزامل مرة واحدة في عام 2010، ورأيت محبته في عيون أصحابه فصدقت مقولته: «يمكنك أن تصيب علمًا خارج المدارس، وأن تصيب مالًا خارج دراسات الجدوى، إلا المحبة، لا يمكنك أن تصيب منها شيئًا خارج القلوب»!
** **
- كاتب صحفي مصري