محمد سليمان العنقري
تتضمن الميزانية العامة للدولة مخصصات ضخمة للإنفاق الرأسمالي يتم من خلالها إنشاء بنى تحتية ومستشفيات ومطارات وطرق ومدارس وجامعات ومشاريع مياه وشبكاتها وكذلك في الطاقة والعديد من المجالات بكافة مناطق ومدن المملكة، حيث ارتقت الخدمات وأيضاً كانت تلك المشاريع سبباً في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للاقتصاد وزاد توليد فرص العمل بوتيرة سريعة خفضت البطالة لأقل نسبة تاريخياً عند 7.1 بالمائة وأصبحت قيمة الأصول الحكومية ضخمة جداً
وبما أن الرؤية تتضمن هدفاً رئيسياً بأن يمثّل القطاع الخاص 65 بالمائة من التأثير بالناتج الإجمالي إضافة لتحول الأجهزة الحكومية للرقابة والتنظيم والإشراف بعيداً عن التنفيذ المباشر للمشاريع فإن الفرصة مواتية لتقليل الإنفاق الرأسمالي بالميزانية عبر نقل تملك وتنفيذ بعض المشاريع مثل المرافق الصحية والتعليمية والخاصة أيضاً بقطاع النقل والخدمات اللوجستية من موانئ ومطارات وفي الطاقة والمياه وغيرها للقطاع الخاص، بل وحتى إعادة استرداد الأموال التي بنت المشاريع القائمة حالياً عبر بيع بعضها كتجربة أولى للقطاع الخاص واستئجارها لمدد زمنية طويلة جداً عبر اتفاقيات تتضمن آليات ومزايا تخدم الطرفين ومن ثم إعادة توجيه متحصلات بيع هذه الأصول بتعزيز الاحتياطيات لدعم استقرار العملة والاقتصاد ومواجهة الصدمات الاقتصادية العالمية بوسادة مالية أكبر خصوصاً أن الاقتصاد الوطني يزداد حجمه سنوياً بفضل تنشيط القطاعات الاقتصادية واستثمار كافة الإمكانيات كما يمكن إعادة استثمار هذه المتحصلات بما يحقق عوائد إضافية للخزينة العامة وتغطي قيمة الإيجارات لتلك المرافق ويمكن أيضاً تعظيم الفائدة من هذا التوجه من خلال تعزيز دور صناديق الريت في بناء أو شراء تلك المرافق وبذلك تجذب استثمارات لها ومنفعة كبيرة بما أنها تدرج بالسوق المالية مما يساهم أيضاً بإعادة توزيع السيولة لدى الأفراد والمنشآت الخاصة والمؤسسات المالية وشركات التأمين للاستثمار بتلك الصناديق مما يقلِّل من تركز الأموال بالأصول المالية الأسهم تحديداً والعقارات، حيث تتقلّص معها المضاربات الزائدة عن الحاجة والتي تخلق فقاعات سعرية، بل ويمكن منح فرصة أكبر لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بأن يكون لديها ميزة شراء أو بناء مرافق وتأجيرها على الأجهزة الحكومية وحتى الشركات الاستثمارية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة يمكنها أن تستثمر بهذه المرافق
فكرة بيع بعض المرافق أو طرحها للقطاع الخاص لتنفيذها واستئجارها منه ليست جديدة عالمياً لكن توجه العديد من الدول المتقدمة لها حقق مزايا ومنافع كبيرة بجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للاقتصاد وتخفيف الأعباء على ميزانياتها وتنويع مصادر تمويلها وتقليل الحاجة للتمويل خصوصاً إذا ما نظرنا للمستقبل الذي يشير لبقاء أسعار فائدة مرتفعة لسنوات طويلة بمستويات لن تقل عن 3 إلى 4 بالمائة للسيطرة على التضخم.