م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - بقدر ما في ضمير المتكلم من أنانية بقدر ما تعني للمتلقي إشارات مهمة منها: أن القصة موضوع الحدث أتت دون وساطة.. وأنها أشبه بالاعتراف.. فالسارد الراوي للقصة مصاحب لأبطالها وجزء من موضوعها وبالتالي تكون أقرب إلى الحقيقة دون وسيط.
2 - الكتابة بضمير المتكلم توحّد شخصية السارد وبطل السرد.. كما أنها تؤكد على أن القصة ذاتية خاصة بحياة السارد الذي هو أحد شخوص الموضوع السردي.. سواء كان سيرة ذاتية أو رواية أو مسرحية.
3 - ضمير المتكلم يقلص المسافة الزمنية بين زمن الحدث وزمن رواية الحدث.. حتى ولو كان يروي تاريخاً.. وكأن السارد يقول باستخدامه لضمير المتكلم: إنني موضوع الحدث الماثل أمامكم.. وبوجود بطل الحدث تقل أهمية زمن الحدث
4 - ضمير المتكلم يدفع السارد إلى التوغل في أعماق نفسه وانتقائه لمفرداته لأنه ربما يدين نفسه أو يجلد ذاته.. كما تضعه في مواقف الدفاع تارة ومواقف المبرر تارة أخرى.. وهو من خلالها يكشف عن نواياه.. وإن كان يقدم قصته ليس كما هي وإنما كما يرغب أن تكون.
5 - ضمير المتكلم يربط السارد بحدث السرد.. ويتحول هو إلى بطل السرد.
6 - سؤال: كيف تكتب بصيغة المتكلم وأنت في نهاية الرواية ستموت؟!
7 - استخدام الضمير الغائب في السرد وبالذات في كتابة السيرة الذاتية هو محاولة للتواري عن الأنظار.. فهو فعل يُقصد به الاختباء خلف ساتر ممثلاً في شخصية وهمية حتى يمرر الأفكار والآراء دون أن يكون موضع اتهام.
8 - من دوافع استخدام ضمير الغائب في السرد هو تلك السمة البشرية التي ترى أن من يتحدث عن نفسه ممل ومتباهٍ بنفسه لذلك يعزفون عنه.. بينما يقبلون على من يتحدث عن الآخرين ويرونه مثيراً ومشوّقاً.
9 - الكتابة بضمير الغائب هي على النقيض من الكتابة بضمير المتكلم.. فضمير الغائب يتكلم عن الآخر بينما ضمير المتكلم يتكلم عن النفس.. ضمير الغائب وصف لفعل ماضٍ.. أي أنه يفصل بين زمن الحدث وزمن روايته.. بخلاف ضمير المتكلم الذي يدلي بشهادته.
10 - ضمير الغائب يحمي الكاتب من الاتهام بالكذب فهو مجرد ناقل.. وليس ناقل الكفر بكافر.. وما دور السارد سوى الرواية ورسم الصورة.. بينما ضمير المتكلم عبارة عن اعتراف.
11 - ضمير الغائب يقف بذات المسافة بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب.. فالغائب (هو) والمتكلم (أنا) والمخاطب (أنت).. وثلاثتهم يقفون بذات المسافة عن بعضهم البعض.
12 - باستخدام الضمير الغائب أو استخدام الأفعال الماضية فإننا نوحي للقارئ أننا بصدد سرد حكاية.. لها بداية ولها نهاية.
13 - كثير من كتب السير الذاتية تكتب بصيغة «المضارع» رغم أن الحدث من «الماضي».. قد يكون السبب في الطاقة المشحونة بالعاطفة فيبدو الحدث وكأنه يحدث الآن.. أو أن الكاتب يتقمص اللحظة وينتقل إلى ذلك التاريخ فيكتب عنه.. أو أن الحدث كان ذا تأثير نفسي على الكاتب.. و»المضارع» يعطي الحدث فعل الاستمرارية بالألم أو الحزن أو الفرح إلى لحظة السرد.