خالد بن حمد المالك
بين المملكة وجمهورية مصر العربية علاقات تضرب جذورها في التاريخ، معتمدة في تجذّرها على أهمية الدولتين في ضبط أمن واستقرار المنطقة، فضلاً عن العلاقة الثنائية بين الرياض والقاهرة، وما مرت به من تطورات ومحطات بالغة الأهلية، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي من جهة أخرى.
* *
وقد تميّزت هذه العلاقات بتواصل الاجتماعات واللقاءات والزيارات بين قادة الدولتين، وكان التفاهم المشترك على جميع الملفات هو النهج الذي سارت عليه المملكة وجمهورية مصر العربية، ما أسفر عن توسيع التعاون، من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات، ضمن مسار هذا التوجه من العلاقات المتميزة بين بلدينا، والتي شملت كل فرص إثرائها بما هي عليه اليوم من تفاهمات مشتركة.
* *
وعندما يزور ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان جمهورية مصر، ويجتمع بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فعلينا أن نتذكر أن العلاقات السعودية - المصرية تمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة العربية، حيث تتسم بالعمق التاريخي، والتعاون الإستراتيجي، والتنسيق المستمر تجاه القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية.
* *
ومن الطبيعي أن تركز المباحثات بين الأمير والرئيس على القضية الفلسطينية، وما يشهده لبنان والمنطقة كلها من تطورات بالغة الخطورة، آخذين بالاعتبار ضرورة السعي لدعم وتعزيز الأمن في المنطقة والعالم، في ضوء مكانتهما وأهميتهما على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.
* *
والعلاقة بين الرياض والقاهرة أخذت بالتطور إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي المصري عام 2015م وإبرام نحو 70 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة في البلدين، وكل هذا بفضل قيادة البلدين واهتمامهما في تعميق وترسيخ العلاقات إلى ما هو أفضل.
* *
والعمل لا يزال مستمراً باتجاه تعزيز شراكتهما الاقتصادية، ونقلها إلى آفاق أوسع لترتقي إلى مستوى العلاقات التاريخية والإستراتيجية، وصولاً إلى تحقيق التكامل في الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة 2030، ورؤية مصر 2030، بما زاد وسيزيد في وتيرة التعاون الاستثماري، والتبادل التجاري، وتحفيز الشراكات في بيئة استثمارية خصبة ومحفزة.
* *
وتتزامن زيارة سمو ولي العهد مع ما تشهده المنطقة من تصعيد للعمليات العسكرية في قطاع غزة ولبنان، من جهة، وبين إيران وإسرائيل من جهة ثانية، حيث تعمل المملكة مع جمهورية مصر العربية ضمن اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية للتحرك دولياً لوقف الحرب، وإطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الدائم والعادل.
* *
وهناك جهود تقوم بها المملكة مع مصر وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين لإيجاد حل سياسي للأزمة في السودان، وهذا الملف سيكون ضمن الملفات المهمة التي سيتم بحثها بين الأمير والرئيس، بأمل إيقاف نزيف دماء الأبرياء، وتحقيق الأمن والاستقرار في السودان الشقيق.
* *
ولا بد من التذكير بأن المملكة دعمت مصر في مواجهة التحديات التي واجهتها اقتصادياً، حيث تعد مصر أكثر الدول المتلقية للمساعدات من المملكة بقيمة 32.48 مليار دولار، إلى جانب ما دفع من ودائع لدى البنك المركزي المصري بـ10.3 مليار دولار، ما يعني حرص المملكة على أن تكون مصر في أحسن حالاتها اقتصادياً، وأن يصب هذا الدعم في التخفيف من التحديات التي تواجهها الشقيقة جمهورية مصر العربية.