رمضان جريدي العنزي
(1)
نفع البرايا من خير السجايا، لكن من الناس من لا در ضرعه، ولا مطمع في نفعه، والنفاع المعوان من نفع الناس بماله وجاهه وعلمه وخلقه وبره وإحسانه، عطاؤه رحاب، وكفه سحاب، يجبر الكسير، وينقذ المستغيث، يعطف على الأرملة، ويرحم اليتيم، ويمسح دمعة الحزين، ويخالق الناس بالإحسان والخير واللين.
(2)
المال حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، أن السعادة الحقيقية في أخذ الدنيا على أنها فرصة وغنيمة للتزود بالعمل الصالح، لا على أنها ميدان سباق لجمع الأموال وكنزها والتزود من متاعها، أن الإنسان العاقل المدرك الواعي يعرف جيداَ بأن الدنيا مهما تبرجت وتزينت وتجملت تبقى متاع قليل، وظل زائل، ولها تقلبات، وأن المال فيها مجرد زينة وليس جوهر.
(3)
قيمة الإنسان في الحياة لا تقاس بثروته ولا بمنصبه ومكانته ولا بجاهه ولا بحسنه وأناقة مظهره، ولا تقاس بما يأكل ويشرب ويلبس أو يركب أو يسكن، أنما تقاس بأخلاقه وسلوكه وبمدى إحساسه بألآم الآخرين ومعاناتهم، وبطريقة تعامله وتفاعله معهم، وتقاس بما يقدم لهم من إنجازات ومنافع وعطاءات تعود عليهم بالخير والفائدة، إن الإنسان إذا أراد أن يصبح ذا أثر فما عليه إلا أن يبحث عن عمل طيب، أو هدف نبيل، أو موقف جميل، أو حقل من حقول البر والإحسان والعطاء، يعمله في هذه الحياة الدنيا ليكون منارة من بعده، وبصمة لا تمحى، وذكرى طيبة، وصيتا خالدا.
(4)
مهما كانت الأقوال جميلة، والادعاءات مثالية، والتنظيرات رائعة، تبقى بلا قيمة أمام المواقف الحقيقية الفاعلة، والأعمال الواقعية، فالمواقف مرآة تظهر حقيقة الإنسان بلا تنيمق ولا تزييف، وتبين الأشياء بشكل واضح وجلي، فموقف واحد قد يغني عن آلاف الكلمات، وعشرات المحاضرات، ومئات التنظيرات، أن الحياة مواقف وأفعال ظاهرة، وليست مجرد أقوال عابرة، وأقنعة مزيفة، وكذب وخداع ودجل.
(5)
العطاء ممارسة إنسانية راقية، تخلق الاتزان والرضا، نتائجها مثمرة وباهرة، والعطاء دون مقابل عامل فوز، يهزم الخذلان والانكسار، ويصنع النجاح والتفوق، ويمنح الآخر متعة في الحياة مغايرة.