محمد بن علي بن عبدالله المسلم
شهد العالم يوم الجمعة 19 يوليو 2024 (الماضي) توقف الشبكة العنكبوتية (النت) على بعض البرامج أو ما يسمى بموجة وشاشة (الموت الأزرق) (على مايكروسوفت) بسبب خطأ أحد الفنيين بالشركة، كما نتابع حالات الحرب الأخيرة الإلكترونية وتفجير البيجرات والطائرات المسيرة.
هذه الأحداث تبين أن الشبكة العنكبوتية والرقمية لا تخلو من الخطر باستخدامها، ومثل ذلك (الذكاء الاصطناعي) والذي سيحدث تغيراً في كافة لأنشطة الحياة وللبشرية، وفي مجالات الحياة من تغير اقتصادي، اجتماعي، صحي، أمني، عسكري، ثقافي.. الخ
فمن منا لم يتعرض لنوع واحد على الأقل من أنواع هذه المتغيرات!!! لقد نتج عن هذا الحدث (الخطأ) توقف (إلغاء) رحلات ملايين من المسافرين في المطارات لعطل أنظمة الملاحة، ولهذا التوقف ثمن باهظ بآلاف الملايين من الدولارات، هذا الحدث اضطر موظفي الخطوط محاولة الرجوع للعمل اليدوي مما أربك الرحلات الجوية في العالم!
هذا الحدث لم يؤثر على الملاحة الجوية فقط، وإنما على الأنظمة المعتمدة على هذا البرنامج مثل البنوك والمستشفيات... الخ
إن لهذا التطور الهائل والسريع في التقنية والذي شمل جميع مرافق الحياة اليومية (والمستقبلة) للبشرية له ثمنه الباهظ في حياة البشرية فكما له إيجابيات له سلبيات أيضاً.
جيل الستينيات الماضية لم يعش مثل هذه التجربة (الخيالية) من التطور التقني، وأقول بأنه كان يعيش حياة طبيعية وفي جميع مجالات الحياة...
فاليوم عندما تشتري عقار لا حاجة للانتظار لإفراغ عقارك بل تستطيع أن تفرغ عقارك من خلال التطبيق في مدة لا تتجاوز النصف ساعة (بينما كنا ننتظر أشهراً للإفراغ والتوثيق في كتابات العدل خلال السبعينات!!
وهذه من نعم التقدم التكنولوجي، ومع ذلك له سلبيات كبيرة صحية، أمنية، وسياسية.
فالحسابات البنكية ممكن أن تتعرض للسرقة عن طريق الاختراق للحسابات البنكية، كما أن هناك شركات أبحاث جرثومية تستخدم التقدم الإلكتروني لنشر الأمراض إما لغرض تجاري (لإنتاج أدوية مضادة) أو لأسباب سياسية وهناك معامل أبحاث جرثومية في كثير من الدول (المتقدمة).
ماذا يحمل المستقبل للمجتمع البشري من مفاجآت بسبب التقدم الإلكتروني شيء كبير ولعل ما يسمى بالذكاء الاصطناعي أو الإنسان الآلي ما نرى بعضاً منه الآن عن طريق السوشيال ميديا من نشر دعايات على ألسنة أشخاص مشهورين وعلماء وهم ينشرون دعاية لمنتج (بعضها طبي) بنفس الشبه والصوت 100 % بما لا يدع مجالاً للشك في الدعاية (رغم عدم علم الأشخاص والعلماء) وهذا تزوير وخطير!!
فالأقمار الصناعية بالآلاف تدور حول الأرض ليست للاتصالات فقط وكذلك الكابلات التي تقطع البحار آلاف الأميال عبر البحار والمحيطات أيضاً والتواصل الاجتماعي كل ذلك مراقب محلياً ودولياً حتى أن كل حركاتنا وداخل بيوتنا وغرف نومنا يتم متابعتها لعدة أغراض مما يعني أن كل حركات وسكنات بني البشر (تحت المجهر) ولكل الأغراض!!! وهناك جهات تستفيد من هذه المعلومات عسكرياً واجتماعياً ومالياً واقتصادياً...
شهدت الحروب الأخيرة استخداماً مكثفاً للتقنية: الأقمار الصناعية، طائرات دون طيار، حظر اقتصادي عالمي (منع التحويلات المالية لروسيا بالطرق المالية المعروفة) مصادرة أموال دول، الاتصالات تتم عن طريق كابلات بحرية وأقمار صناعية بالآلاف في الفضاء لاستقبال وإرسال ما تريده الدول!!.
في السبعينات الماضية كنا في بداية التطور التكنولوجي وكان جهاز الحاسب الآلي Main Fraim يشغل حيزاً كبيراً للقيام بأعمال تقوم بها الآن الآلات الحديثة بحاسوب بحجم كف اليد فقط، وأذكر خلال دراستي في أمريكا، وكنت أدرس مادة الاحصاء واستخدمت لحل المعادلات الرياضية جهاز الحاسبات الكبيرة وكذلك على تثقيب الكروت لحل معادلة رياضية، وكانت تأخذ مني عملية الحل (ثقب البطاقات) نحو ساعتين لأجد أنه (بعد ذلك) يوجد خطأ فأعود لفحص الكروت (البطاقات)، والآن يمكن حل هذه المسائل في ثواني وبجهاز صغير بحجم الكف!
وكنا نحل هذه المعادلات في كلية التجارة - جامعة الملك سعود وباستخدام جداول مطبوعة!!
كما أذكر (في السبعينات أيضاً) كنا نسمع بما يسمى Non Paper Disk (أو المكتب اللاورقي) والذي تحقق لدينا بشكل شبه كامل في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص، حتى أنك إذا راجعت الدوائر الحكومية شخصياً (الآن) لأي خدمة يقولون لك قدم طلبك عن طريق التطبيق، آسفين لا يمكن خدمتك إلا عن طريق التطبيق!!
وبحمد الله أصبحنا في مقدمة الدول في التطبيق الإلكتروني في أمورنا المدنية والعدلية والقضائية والاجتماعية والاقتصادية والأمثلة كثيرة مع وضع كل الضمانات لتجنب السلبيات:
- ساهر في الطرق يصور مخالفتك وتدفع المخالفة من حسابك وأنت في بيتك ولا تحتاج للمرور ولا للبنك لدفع فواتيرك الأخرى وإنما بضغطة زر تنهي المطلوب منك تطلب وتشتري منتج ما وتدفع بالبطاقة وتصلك إلى مكانك.
- التعليم في زمن كورونا (وفي فترة الحظر) حلت المملكة مشكلة التعليم (وحتى الآن) في حالة وجد رياح وأمطار غزيرة ممكن أن تعرض الطلاب للخطر عن بعد وعلى عدة قنوات، ولعل مثل هذه الخدمات تخفف من زحمة الشوارع التي نشاهدها وأصبحت الطرق تأخذ ساعات يومية من حياتنا ورغم هذه الإيجابيات والنعم؛ إلا أن لها سلبيات عديدة بعضها ظهر والآخر في الطريق (اجتماعية، أمنية، عسكرية، واقتصادية) ولعل أهمها الإدمان على استخدام الأجهزة الإلكترونية!!.
- لمسايرة هذه التطورات السريعة والهامة عالمياً فقد أولت المملكة ما يسمى بالأمن السيبراني والاصطناعي اهتماماً كبيراً ليجعل المملكة بمأمن من السلبيات الحالية والمستقبلية.
باختصار
- بدأ العام الدراسي هذا العام خلال الصيف وكان انتهى العام الدراسي السابق في بداية الصيف وبدرجات حرارة في منتصف الأربعينات بعد إجازة نحو شهرين!! ليت المسئولين عن التعليم يأخذون في الاعتبار أن بلادنا حارة صيفاً وكذلك وضع الصيانة اللازمة لأجهزة التكييف وغيرها وأن تكون تمت صيانتها!!
- كذلك عمل الصيانة اللازمة لدورات المياه ومياه الشرب في المدارس وأن يكون هناك تواصل إلكتروني بين هيئة تطوير التعليم والطلاب والمعلمين وأولياء أمور الطلبة لعمل بيئة الدراسة وطلب العلم جاذبة للطلاب وهيئة التدريس وبجميع المستويات.
وأخيرا وليس آخراً: نسأل الله تعالى أن يديم علينا وعلى الأمتين العربية والإسلامية الأمن والأمان وأن يكفينا شر أعدائنا وأن يوفق قياداتنا دائماً لما فيه خير الوطن والمواطن.
والله الموفق..