د. محمد بن إبراهيم الملحم
أعلنت هذا الأسبوع نتائج المدارس المتميزة لبرنامج التقويم المدرسي والذي نفذته مشكورة هيئة تقويم التعليم والتدريب وهو برنامج من البرامج النوعية المهمة والواعدة لتطوير جودة التعليم في المملكة العربية السعودية، حيث يقوم على وضع معايير للجودة التعليمية في المدرسة وحث المدارس على الالتقاء معها ثم تقييم المدارس بناء على هذه المعايير بواسطة مقيمين قامت الهيئة بتدريبهم وتأهيلهم من أجل أن يزوروا المدارس ويتأكدوا من مدى انطباق المعايير على كل مدرسة، الأمر الذي سينتج عنه تصنيف المدرسة إلى واحدة من المستويات الأربع والتي أدناها مستوى «التهيئة» حيث يكون مستوى أداء المدرسة منخفضا بما هو أقل من 50 % ثم مستوى «الانطلاق» وهو مستوى متوسط بين 50 إلى 75 % وكلا المستويين يشيران إلى أن المدرسة بحاجة إلى تحسين، ويليهما مستوى «التقدم» وهو مستوى مرتفع تكون درجته بين 75 إلى 90 % وأخيرا أعلى مستوى وهو «التميز» حيث يكون أداء المدرسة قد حقق درجة 90 % فأعلى وهذا المستوى من الأداء هو ما استهدفه حفل التكريم الذي تم هذا الأسبوع لتقدير المدارس التي وصلت إلى أعلى مستوى، وهي لفتة جيدة من الهيئة لتحفيز المدارس نحو الجودة النوعية ولشحذ همم إدارات التعليم إلى العمل على تقوية مدارسها والاهتمام بها ورفع مستواها ، فلا نشك أن كل منطقة تتمنى أن يظهر اسم مدارسها في مثل هذه المنافسات النوعية والتي تحظى بجهود علمية لصياغة معاييرها وجودة نتائج التقييم فيها.
وأعجبني في معايير التقييم أنها فرقت بين المدرسة الأهلية والحكومية فوجدت فقرات خاصة بالأهلية لا تطبق على الحكومية مثل توافر وتكامل أعضاء الهيئة التدريسية والذي هو بالنسبة للمدرسة الحكومية عامل خارج إدارة فريق المدرسة وإنما هو متعلق بما تقدمه لها الإدارة التعليمية وتفرضه عليها. ويهمني هنا أن أعلق على النتائج التي أعلنت هذا الأسبوع فقد لاحظت كما لاحظ كل من حضر أو استمع لحفل الإعلان عن المدارس الفائزة أن المدارس الأهلية كان لها قصب السبق وهذا يعكس عدة نقاط إيجابية أولها عدالة مشروع التقييم في النظر إلى كل من المدارس الأهلية والحكومية على حد السواء وعدم إعطاء فرصة مختلفة للمدرسة الحكومية باعتبار أنها لا تملك نفس مناطق القوة التي قد تملكها المدرسة الأهلية، وثانيا كثرة المدارس الأهلية التي استطاعت أن تحقق إنجازا في التميز مما يدل على أن المدرسة الأهلية خرجت من ثوب الربحية فقط إلى ثوب الإنجاز والتميز التعليمي بما ينعكس على الطلاب وجودة المخرجات التعليمية، وثالثا تكررت أسماء معينة من هذه المدارس في مراحلها الثلاث مما يعكس اهتمام المدرسة لجميع المراحل وجديتها في العناية بمخرجها التعليمي، ثم أن هناك ملاحظة أخرى حول نوع آخر من المدارس تكررت أسماؤها وهي مدارس الهيئة الملكية في الجبيل و ينبع الأمر الذي يعكس اهتمام الإدارة التعليمية في الهيئة الملكية بالجودة التعليمية والتميز فيها وهو أمر نعرفه جيدا نحن أهل المنطقة الشرقية ونطمح إلى أن يستمر هذا التميز.
وقد لاحظت أن أسماء المدارس الحكومية ظهرت بشيء من الوضوح أكثر في المرحلة الثانوية، وهذا يعكس جانبين: الأول هو أن المدرسة الأهلية تعيش تحديا أكبر في المرحلة الثانوية مقارنة بما تحققه في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة، والثاني وهو مرتبط بتطبيق معايير الجائزة فأتصور فيه أن إدارة المرحلة الثانوية في المدرسة الحكومية يبدو أنها أكثر اقتدارا على تحقيق متطلبات الجائزة وتوفير شواهد معاييرها وهو أمر يعرفه الذين يعملون في القطاع التعليمي الحكومي أن إمكانات مدير المدرسة الابتدائية القيادية وكذلك فريق العمل معه من المعلمين تكون عادة أقل مما يملكه مدير ومعلمي المرحلة الثانوية من إمكانات فكرية ورؤية تطبيقية وتمكن قيادي يدعمهم في مثل هذه المنافسات التي تتطلب فهما دقيقا وجيدا لمتطلبات شواهد الجائزة، وهذا مجرد توقع شخصي لا أكثر وهو مبني على التجربة ويظل رأي الأخوة العاملين حاليا في الميدان هو الحاسم.
أعتقد أن هذا الإطلاق الأول للجائزة هو بشرى خير أنها ستبعث مستقبلا حالة أقوى من التنافس بين المدارس كما أتوقع أيضا أن تتطور المعايير لتنافس المعايير العالمية وتتناغم أيضا مع الظروف المحلية أكثر وأكثر وهو ما سيمكن مزيدا من المدارس للظهور في قائمة التميز، وأخيرا لابد من الإشادة بالدور الكبير الذي قامت به هيئة تقويم التعليم والتدريب الموقرة في تنفيذ هذا التقويم الواسع النطاق عبر مدارس المملكة كلها فقد سبق هذا جهد كبير على مر السنوات الماضية في إنتاج المعايير أولا ومراجعتها وتحكيمها ثانيا ثم في بناء حقائب تدريبية لمن سينفذون هذه المعايير ثم اختيار المقيمين وتأهيلهم وتدريبهم ثم متابعة أعمالهم التقييمية في المدارس ولا شك أن هذه جهود كبيرة جدا جدا تجعل من البرنامج إنجازا وطنيا عظيما لا أعرف له مثيلا في الوطن العربي وأعتقد أنه في النسخة القادمة عندما تقترن بالنتائج مخرجات مشروع «نافس» وهو مشروع وطني آخر مهم فسوف يكون لتقويم المدرسة أثر أعظم وقيمة أكبر فشكرا لهيئة تقويم التعليم والتدريب.. سائلا الله لها دوام التوفيق والسداد في مشاريعها المتألقة.