د. عيد بن مسعود الجهني
الجامعات السعودية في القطاع العام منتشرة في كل مدن ومحافظات البلاد وتحت قبتها جميع التخصصات، وفي السنوات الأخيرة وتطبيقا للرؤية تعددت الجامعات الخاصة والكليات، ليشارك القطاع الخاص القطاع العام في دعم عجلة التعليم في بلاد الحرمين الشريفين.
ولا شك ان دور الجامعات وأهميتها يبرز في الأدوار المتعددة التي تؤديها فبالإضافة إلى العملية التعليمية، هناك البحث العملي، ولذا فإن الرؤية ركزت وبوضوح شديد على هذه الأهداف ومنها خدمة المجتمع.
وإذا كانت (الرؤية) في مخرجاتها أولت اهتماما خاصا للبحث العلمي، وهو يخرج من رحم الجامعات ومراكز البحوث المتخصصة، بالمفهوم العلمي، ولأن الجامعات تعددت في طول البلاد وعرضها من حكومية وخاصة، لذا يصبح ضرورة وليس ترفاً التنسيق بين تلك الجامعات من خلال هيئة إدارية مستقلة لها اتصالها بالجهات التي ترسم خطوط التنمية في البلاد خاصة استراتيجية (الرؤية).
وفي هذا تحفيز للجامعات بحصولها على كل المعلومات الإحصائية عن طريق هيئة الإحصاءات العامة ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن سوق العمل ومتطلباتها حاضرا ومستقبلا، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم الحاضن الرئيسي للتعليم العام والعالي.
في البلاد وبذلك تتحقق كل وظائف الإدارة الأربع وفي مقدمتها (التنسيق) بين جهات الدولة والقطاع الخاص.
وزارة التعليم لها تاريخ طويل في خدمة العلم والتعليم، فتاريخ إنشائها يعود إلى عام 1373هـ بمسمى وزارة (المعارف)، ولأهمية التعليم كان أول وزير للمعارف الملك فهد بن عبد العزيز (الأمير آنذاك) رحمه الله، وبعد عدة عقود أصبح المسمى (وزارة التربية والتعليم)، وألحقت بها (الرئاسة العامة لتعليم البنات) ثم عدل المسمى ليصبح اليوم (وزارة التعليم) وألحقت بها وزارة التعليم العالي.
تقول الرؤية:
(سنسعى إلى سد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، وتطوير التعليم العام وتوجيه الطلاب نحو الخيارات الوظيفية والمهنية المناسبة، وإتاحة الفرصة لإعادة تأهيلهم والمرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية، سنهدف إلى أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل (200) جامعة دولية بحلول عام (1452هـ - 2030م) وسيتمكن طلابنا من إحراز نتائج متقدمة مقارنة بمتوسط النتائج الدولية والحصول على تصنيف متقدم في المؤشرات العالمية للتحصيل التعليمي.
سنحقق ذلك من خلال إعداد مناهج تعليمية متطورة تركز على المهارات الأساسية بالإضافة إلى تطوير المواهب وبناء الشخصية، وسنعزز دور المعلم ونرفع تأهيله، وسنتابع مستوى التقدم في هذا الجانب وننشر نتائج المؤشرات التي تقيس مستوى مخرجات التعليم بشكل سنوي، كما سنعمل مع المتخصصين لضمان مواءمة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل، وسنعقد الشراكات مع الجهات التي توفر فرص التدريب للخريجين محليا ودوليا، وننشئ المنصات التي تعنى بالمواد المختلفة من أجل تعزيز فرص التدريب والتأهيل وسنعمل كذلك على تطوير المعايير الوظيفية الخاصة بكل مسار تعليمي ومن أجل متابعة مخرجات التعليم وتقويمها وتحسينها سنقوم بإنشاء قاعدة بيانات شاملة لرصد المسيرة الدراسية للطلاب بدءا من مراحل التعليم المبكرة وحتى المراحل المتقدمة).
ولأهمية دور الأسرة في المنظومة التعليمية فإن الرؤية أبرزت ذلك بوضوح فالتعاون بين أولياء أمور الطلبة والطالبات أمر له أهمية قصوى ورفع مستوى أداء الطلاب من الجنسين من المراحل الأولى للتعليم، لهذا نصت الرؤية على:
(يمثل اهتمام الأبوين بتعليم أبنائهم ركيزة أساسية للنجاح، ويمكن للمدارس وأولياء أمور الطلاب القيام بدور اكبر في هذا المجال مع توفير المزيد من الأنشطة المدرسية التي تعزز مشاركتهم في العملية التعليمية وهدفنا هو إشراك (80) في المئة من الأسر في الأنشطة المدرسية بحلول عام (1442 - 2020) بإذن الله.
سيتضمن برنامج (ارتقاء)، المزمع إطلاقه، مجموعة من مؤشرات الأداء التي تقيس مدى إشراك المدارس لأولياء الأمور في عملية تعليم أبنائهم وسنقوم بإنشاء مجالس لأولياء الأمور يطرحون من خلالها اقتراحاتهم ويناقشون القضايا التي تمس تعليم أبنائهم، وندعم ذلك بتوفير برامج تدريبية للمعلمين وتأهيلهم من أجل تحقيق التواصل الفعال مع أولياء الأمور، وزيادة الوعي بأهمية مشاركتهم كما سنعمل على التعاون مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي في تقديم المزيد من البرامج والفعاليات المبتكرة لتعزيز الشراكة التعليمية).
هذا الجهاز التعليمي الضخم الذي ينضوي تحت مظلته الواسعة ملايين الطلبة في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات ناهيك عن العدد الغفير من المعلمين والأكاديميين والموظفين والعاملين.. الخ، بعد أن أصبح جهازا واحدا يحتاج الى إعادة هيكلة إدارية ومالية تساعد القائد الإداري ومعاونيه وموظفي الوزارة على إدارة دفة هذه السفينة الإدارية والمالية التي تدير جهاز التعليم في بلاد الحرمين الشريفين.
هذا هو بلسم رفع كفاءة الأداء والتغلب على كل المعوقات التي تحد من زيادة الإنتاجية، وهذا (باختصار) يحدث تغييرات مهمة في الأوضاع الإدارية والمالية المطبقة منذ زمن قريب أو بعيد.
وإذا ما تمت إعادة الهيكلة لجهاز التعليم بأسلوب إداري ومالي حديث، فان الإدارة العليا والوسطى (مثلا) تتحرر من كل القيود والضغوط التي قد تحد من حركتها وفعاليتها، وبذا تصبح إعادة الهيكلة لجهاز بحجم وزارة التعليم أمرا ملحا بل واجبا، ليلتحق بركب (الرؤية).
** **
- رئيس مركز الخليج العربي لدراسات واستشارات الطاقة