د. هيثم الصديان
يخبرونك في النادي (الجيم) أن كثرة الرفث تعيق نمو الجسد وأن الحسد يعيق نضارة الوجه.. وهذه تفاصيل قولهم مترجمة إلى حقل آخر:
لماذا ثمة ظواهر تشتهر وتطغى في أوانها؟
وظواهر ثقافية أخرى تحتاج إلى مرور أعوام وأزمان وأجيال حتى ترى النور وتشتهر؟
جواب النقد الأدبي: لجمال الأولى، ولفلسفة الثانية فتحتاج إلى من يفك مغاليقها ويكشف جمالها المخبوء، أو لاحتياج العصور اللاحقة للثانية.
جواب النقد الثقافي: ذاك تعليل صحيح في نسقه الظاهر(أي تحليل النقد الأدبي).
أما حقيقة نسقه المضمر: فالأولى تثير المتعة فينا والشهوة. وكلتاهما خاصتان آنيتان لا تقاومان في وقتهما. لكنهما تزولان مع الشبع وللأبد فلا تتكرران. مثل نجوم السينما والغناء والرياضة، دوماً ثمة شبع ممن مضى وشهوة آنية للموجود. ولذلك فهي ظواهر بلا ذاكرة.
وأما الثانية فهي تثير فينا غريزة الحسد فنسارع إلى تجاهلها والتجافي عن محاسنها. حتى يأتي زمان وأجيال تحسد حاضرها وتسارع إلى السابق.
وهذا يعني أنه ثمة دوماً حاضر محسود. وهذا داء المعاصرة...
فمع المتعة والشهوة دوماً المجد للحاضر حتى لو كان لا يساوي ربع الماضي، حاله حال الزوجة الثانية لها العز مهما كانت.
ومع الحسد دوماً المجد للماضي حتى لو كان لا يضاهي الحاضر، لأن الحاضر حاله حال الضرة لا يمكن أن ترضى عنها سابقتها ولو اشتغلت لها خادمة عند قدميها.
والأنساق المضمرة في حركة دائمة التوالد والتطور... ولذلك فمن النسق المضمر السابق خرج نسق جديد مع علاقة التشبيه الأخيرة( زوجة ثانية/ ضرة) دلالته تكون في الآتي: وهي أن أهل المتعة هم الفئة الغالبة وهم الفئة التي تحتكر انتهاك حرمة الثقافة وتثييب طهارتها وخلط غثها بسمينها. وأهل الحسد هم الخاسرون دوماً لا المحسود.