خالد بن حمد المالك
قُتل أخيراً يحيى السنوار، ولا تزال الأصداء وردود الفعل تتردد في أصقاع الدنيا، والأفراح تعم إسرائيل وأمريكا ودول أوروبية أخرى، وتأخذ طابعاً كما لو أنه لم يكن هناك من سبقه مقتولاً من قادة حماس والجهاد وبقية القيادات في الفصائل الفلسطينية الأخرى.
* *
تقول إسرائيل إن قتله جاء بالصدفة، وبعملية لم يكن مخططاً لها، بينما يقول البيت الأبيض إن الاستخبارات الأمريكية ساعدت إسرائيل في تعقّب قادة حماس بمن فيهم السنوار، ويتسابق القادة الإسرائيليون بالتعبير عن فرحهم واستبشارهم بقتل الرجل القوي الذي كان يرفض إطلاق سراح الرهائن دون ثمن، محمّلة إياه المسؤولية عن طوفان الأقصى، وأنه بموته لن يكون لحماس موقع قدم في قطاع غزة.
* *
لن يكون في قتل إسرائيل للسنوار المسمار قبل الأخير في نعش حماس في غزة-كما تتمنى إسرائيل-، بعد سنوات من التحكم بالقطاع إثر انقلابها على الشرعية الفلسطينية، واستقلالها به، وإدارته على نحو ما جعلها تبني قوتها العسكرية، وتقاوم الاعتداءات الإسرائيلية على مدى عام كامل، على أن معركة غزة لم تنتهِ بعد بانتصارٍ لإسرائيل.
* *
لكن المؤكد أن الانتصار الإسرائيلي الأخير على حماس لن يكون هو المسمار قبل الأخير في نعش القضية الفلسطينية كما تحلم إسرائيل باحتلالها للأراضي الفلسطينية، فالمعركة مستمرة، والنضال لن يتوقف، والإصرار على إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي 1967م سوف يتواصل ويستمر، فحماس إن قضي عليها فهي ليست وحدها المسؤولة عن استرداد الحقوق الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية.
* *
ففي تاريخ الكفاح الفلسطيني المشروع منذ احتلال اليهود لفلسطين، وإقامة دولتهم عام 1948م هناك في كل الحروب ضد إسرائيل صعود وهبوط، فاستمرار، دون تراجع، أو استسلام، أو يأس، أو تسليم بالهزيمة، وهذا ما يجب أن تفهمه إسرائيل وشركاؤها، ومن الخطأ والجهل ربط القضية الفلسطينية بشخص واحد، أو إقامة الدولة الفلسطينية اعتماداً عليه.
* *
صحيح أن القضية الفلسطينية تمر الآن بأخطر مراحلها، بما آلت إليه من تراجع بعد طوفان الأقصى، ولكنها ما تلبث أن تعود قوية، بل إنها ستكون أقوى مما كانت عليه بعد لمِّ الصفوف، والاستفادة من الدروس والتجارب والخبرات، وما ضاع حق ووراء من يطالب به، ممن لديه عقيدة ملزمة ويتمسك بها لاسترداد حقوقه، وهذا ما هو عليه شعب فلسطين.
* *
كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث في بداية هذه الحرب عن تبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس، الآن لا تتحدث إلا عن إعادة الرهائن لدى حماس إلى ذويهم، كانت تتحدث عن خيار الدولتين، الآن لا حديث لها عن ذلك، وكأن ما كان يصدر من واشنطن إنما هو ذر للرماد في العيون، دون مصداقية، أو جدية، أو رغبة حقيقية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
* *
قُتل السنوار، لكن القضية الفلسطينية لم تُقتل، وليس صحيحاً أن مقتل السنوار كان مصادفة، فحماس مخترقة، كما هو حزب الله، كما هي إيران، ومن الواضح أن أمريكا وإسرائيل بالتضامن معاً تأتي قوتهما في توظيف العملاء في هذه المناطق وغيرها، لفرض أجندتهما، وتحقيق مصالحهما، وضرب كل من يعاديهما، أو يفكر بالإضرار بهما.