سهوب بغدادي
فيما أطلقت وزارة الثقافة متمثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية ضمن مبادراتها العديدة لتطوير المهارات برنامج «من الفكرة إلى الخشبة» في نسخته الثالثة، الذي يعتبر برنامجًا متعدد المسارات، ويهدف إلى خلق بيئة خصبة لتعليم المهتمين بالمسرح في مجالات متعددة، بغية اكتسابهم المهارات اللازمة للدخول إلى مجال صناعة المسرح والمساهمة الفاعلة في تطوير المشهدين المسرحيّ والفنيّ على حد سواء.
كان من أبرز ورش العمل والدورات المقدمة: المكياج المسرحي، والإخراج، والإنتاج، والكتابة المسرحية، وتصميم الأزياء، والإضاءة، والصوت، والديكور، وإدارة الخشبة، والتمثيل، حيث التحقت بالدورة الأخيرة خلال الأسبوعين الماضيين من الساعة 6 حتى 9 مساءً بمعدل 33 ساعة تدريبية، المقامة في مركز سرد الثقافي، الذي يعد أحد مشاريع الصندوق الثقافي التي تهدف إلى تحفيز البيئة الثقافية بالشراكة مع برنامج جودة الحياة، إذ وجدت أن المركز جميل ويعتبر بيئة خصبة للإبداع والتعلم، فكل ركن فيه يحكي قصة، وكل زاوية هنالك تحفز إطارا فنيا في مختلف المجالات، كالعزف، والرسم، والتصميم، وما إلى ذلك، حيث قضينا هنيهات الراحة «البريك» بصحبة مختلف الفنانين، فمنهم العازف والرسام والمصمم والمخرج، ورسخت أبهى اللحظات برفقة مدير الموسيقى في مركز سرد العازف أ. طارق الخياط الذي أتحفنا بعزفه البديع للبيانو ريثما نعود إلى الحصص التدريبية.
من ناحية الدورة التمثيلية، التي لم تكن الأولى بالنسبة لي، فلقد التحقت بالعديد من الدورات ضمن مبادرات الهيئة منذ عام 2022 كالمسرح الموسيقي، وكاركلا حركة ونغم، وأكاديمية سبيرز، إلا أن هذه الدورة بقيادة الأستاذ هادي طبال كانت الأفضل من وجهة نظري، لقد تعلمنا الكثير في وقت وجيز، ولم يقتصر التعليم على مختلف تقنيات التمثيل، بل نقل لنا الفنان هادي خبرته من أروقة هوليوود ومسارح برودوي عن كثب، إن الأهم من تقمص الدور هو أن تكون إنسانًا في بادئ الأمر، فكل شخصية تعيش في داخلنا شئنا أم أبينا، كل ما علينا كممثلين أن نستحث ظهور الشخصية المطلوبة كحالة أو محاكاتها في إطارات معينة، بعيدًا عن المبالغة في الحركات والسكنات والتجسيد المبتذل للمشاعر وردود الأفعال وذلك ما يفتقده العديد من الفنانين، أن يصل الشعور بعكس ما يبدو عليه! وأن تُسمِع الغير دون أن تنبس ببنت شفة! فضلاً عن الحكايا المذهلة عن المجال الفني وإشكالياته وتحدياته التي تواجه الفنان ومدى الالتزام الذي يتحتم على كل شخص عامل في هذا النطاق أن يقدمه لنفسه ولغيره، فالعمل جماعي بشكل بحت، وأي دقيقة تأخير قد تكلف الفريق والعمل الكثير من الخسائر المادية والمعنوية، كل هذه الأمور وأكثر تعلمناها في ساعات قليلة لم نرغب في انقضائها حقًا، إن الأستاذ هادي ممثل خبير، إلا أنه يمتلك مهارات أخرى لمسناها من خلال البرنامج كالإخراج والكتابة ورواية القصة بطريقة مشوقة، بالإضافة إلى تدعيمه الدورة بالمواد الملائمة التي تعود بالنفع على المتدربين، بلا ريب، لقد رفع الأستاذ هادي من سقف توقعاتنا من دورات التمثيل المطروحة، ونتطلع إلى المزيد من مثل هذه الدورات الاحترافية التي ترتقي بالمجال المسرحي في المملكة العربية السعودية.