فضل بن سعد البوعينين
لكل منطقة من مناطق المملكة، مِيَزٌ تنافسية يمكن استثمارها لتعزيز التنمية، والتطوير، ومواكبة التحول التنموي، ورفع جودة الحياة، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية المنبثقة عن رؤية 2030.
وللمنطقة الشرقية مِيَزٌ تنافسية متنوعة، حيث تعتبر أهم قلاع الطاقة وصناعة البتروكيماويات في العالم، وتجمع بين البحر والشواطئ الجميلة، والجزر، والواحات الخضراء، والمواقع التراثية، إضافة إلى احتوائها الصحاري الفسيحة.
موقع المنطقة الاستراتيجي على الخليج العربي، وسواحلها الممتدة لأكثر من 700 كم، عزز من مكانتها السياحية، إلى جانب أهميتها الاستراتيجية في قطاع الطاقة والصناعة، والخدمات اللوجستية، ما جعلها من ركائز استراتيجية التطوير.
طول سواحل المنطقة، ومشاطئة أهم محافظاتها ومدنها ساحل الخليج العربي يجعل من ضبط التنمية فيها، أولوية قصوى، وبما يتناغم مع مستهدفات الرؤية من جهة، وطبيعة المنطقة الساحلية وأهمية المحافظة على شواطئها، من حيث الانتفاع، والتنزه، والاستئناس برؤيتها، من جهة أخرى.
اهتمت هيئة تطوير المنطقة الشرقية بوضع استراتيجية التنمية، وسعت جاهده للمحافظة على الشريط الساحلي، وفق رؤية شمولية، لتحسين المشهد الحضري، واستثمار أهم المقومات لتعزيز القطاع السياحي والترفيهي، وإضفاء لمسة جمالية على المدن الساحلية، وتعظيم الاستفادة من الشواطئ، وخلق مناطق جاذبة للسياح والمستثمرين الباحثين عن المشروعات النوعية. ومن تلك الجهود، إطلاق الدليل الإرشادي للتصميم العمراني على الشريط الساحلي بحاضرة الدمام الكبرى، والذي يهدف إلى «ضبط جودة التنمية الساحلية وتعزيز الهوية العمرانية وتحسين المشهد الحضري». مرجع إرشادي لتصميم البيئة العمرانية والمشاريع بما يتواءم مع طبيعة المنطقة، ويتضمن في الوقت عينه، جميع المعايير والمتطلبات الفنية التي تسهم في تحقيق المنفعة الكلية من المواقع الساحلية، وتعظيم القيمة والاستفادة، وتحويلها إلى مناطق جذب سياحية وتجارية وترفيهية واستثمارية.
وبالعودة إلى رؤية 2030 نجد الاهتمام الكبير بالمحافظة على البيئة، واختيار النمط العمراني المرتبط بالبيئة الحاضنة، وتعزيز الثقافة وأدواتها المكانية والبشرية، والتركيز على الهوية الوطنية التي أصبحت قاعدة الإبداع العمراني والثقافي والتنموي. لذا يمكن القول ان الدليل الإرشادي الذي تبنته الهيئة يسهم في «تعزيز جودة تخطيط وتصميم البيئات العمرانية في المنطقة الشرقية تماشياً مع رؤية السعودية 2030، وتعزيزاً للنمط العمراني والهوية المحلية من خلال أدوات تمكينية معززة لخلق بيئة حضرية ساحلية مستدامة، ويسهم في المحافظة على الأصول البيئية للشريط الساحلي.
ترك عمليات تصميم المشاريع المطلة على الواجهات البحرية للاجتهاد، ودون معايير دقيقة ضابطة لمخرجاتها، ستتسبب مستقبلا في تشوهات بصرية، وتنافر بين مكونات البيئة الرئيسة، وربما انعكست سلبا على الشريط الساحلي، وتسببت في حجب الواجهات البحرية، أو تشويه منظرها العام. وهو أمر يمكن ملاحظته في بعض المشروعات المنفذة في فترات سابقة، والحاجبة لرؤية الساحل، أو المتسببة في تجزئة الشريط الساحلي الذي يفترض أن يكون متصلا ومتاحا للجميع، أو حتى في تغيير ملامح البيئة الساحلية من خلال الردم، وبناء المنشآت الخرسانية الحاجبة للبحر والساحل.
استكمال التشريعات التنموية، والأنظمة المحددة لمعايير البناء والتصميم والتطوير والمشروعات عموما، هي القاعدة التي يمكن من خلالها ضبط التنمية، والتحكم في مخرجاتها وبما يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030 ويحقق متطلبات جودة الحياة، ويسهم في تطبيق أفضل الممارسات العالمية المتبعة في مشاريع البناء والتطوير في المدن الساحلية، ويعزز التدفقات الاستثمارية النوعية التي تعتبر جزء رئيس من عمليات التنمية الشاملة في المنطقة.
أرجو أن يشكل إطلاق «الدليل الإرشادي للتصميم العمراني» على الشريط الساحلي بحاضرة الدمام الكبرى؛ المرحلة الأولى، لمراحل قادمة تغطي المدن الساحلية الأخرى، ومنها الجبيل، والخفجي، وامتداد شريط المنطقة الساحلي الممتد شمالا، وإن كان خارج النطاق العمراني، في الوقت الحالي، فخلق التشريعات وتطبيقها على المناطق غير المأهولة، والشواطئ الممتدة خارج المدن التي لم يطالها التطوير، هي الوسيلة الضابطة للتنمية، ومخرجاتها المستقبلية في مراحل التوسع العمراني المتسارع.