خالد بن حمد المالك
رغم خسارة حزب الله لأمينه العام، ولعدد كبير من أبرز قادته في الصف الأول والثاني، والقضاء على نسبة كبيرة من سلاحه، فإن هجماته الأخيرة على إسرائيل، أظهرت أنه لا يزال يحتفظ بمخزون غير قليل من السلاح، وأنه على مقدرة جيدة في الوصول إلى أهدافه في إسرائيل، وأن الهجوم الصاروخي المتكرر الذي يقوم به قد أحدث فارقاً بين بدايات المناوشات والآن، خاصة حين وصلت صواريخه إلى منزل رئيس وزراء إسرائيل، وتكررت في حيفا وتل أبيب وغيرها.
* *
صحيح أن إسرائيل وجهت ضربات غير مسبوقة على كثير من مواقع الحزب، ودمرت الكثير من أسلحته، وقتلت أبرز قادته، وأمعنت في ضرب كل هدف كانت تتوجس منه، ولكن من الخطأ التصور أن مخازن الحزب قد أفرغت تماماً من الأسلحة التي موّلته بها إيران، بوصفه إحدى أذرعتها في المنطقة، ومن تعتمد عليه في مساعدتها على توسيع نفوذها في المنطقة.
* *
لكن ليس هذا هو الموضوع، إذ إن ما يثير التساؤل: لماذا امتنع الحزب عن استخدام هذا السلاح المؤثِّر خلال بدايات غزو إسرائيل لقطاع غزة، مكتفياً بمناوشات لم يكن لها أي أثر، ألم يكن دخوله في المعركة مبكراً إلى جانب سلاح حماس قبل أن تدمره إسرائيل كافيا لإضعاف إسرائيل في مواجهة هذا التكتل بين حماس وحزب الله لو أنه تم، حتى مع ظهور الموقف الأمريكي-الأوروبي المساند لإسرائيل؟!
* *
تأخير استخدام حزب الله لسلاحه على مدى أكثر من أحد عشر شهراً، مكتفياً بمناوشات محدودة الأثر، جعل إسرائيل تنفرد بحركة حماس إلى أن قضت على مصادر قوتها، وإذا بها بعد ذلك تتفرغ لحزب الله، وإذا ما استمرت ضربات إسرائيل على ما هي عليه الآن، فقد يكون مصير الحزب مماثلاً لما حدث لحركة حماس التي بدأت قوية، ثم بعد أن نفد مخزونها من السلاح أو كاد، هي كما نراها الآن.
* *
هل من جهة منعت حزب الله من التفاعل مبكراً وبشكل جدي مع مجريات القتال، وأخَّرت مشاركته إلى ما بعد أكثر من أحد عشر شهراً على بداية القتال، لا أدري، ولكن هذا التأخير يثير الريبة والشك حول أسبابه ومصدره، ويجعل السؤال عن خلفيته وظروفه مشروعاً لطرح الأسئلة والاستنتاجات، وفهم مغزاه.
* *
وعلى إيران، والمؤيدين لحزب الله، والمنخرطين في هذا التنظيم أن يتأكدوا بأن حزب الله لم يعد الآن كما كان عليه قبل السابع من أكتوبر، وأن قتل أو إصابة عدد من جنود إسرائيل لن يثنيها عن في ممارسة عدوانها لإنهاء أي دور للحزب في المستقبل كما فعلت مع حماس والجهاد وغيرهما من المنظمات الفلسطينية، والحل كما يتمنى اللبنانيون أن يتم وقف إطلاق النار الذي ترفضه إسرائيل، وتقبل به حكومة لبنان للحد من الخسائر التي يتعرض لها لبنان الجريح.
* *
ستكون بوادر وعلامات وإشارات قبول إسرائيل لوقف إطلاق النار من جانبها مشروطاً - إذا ما تم - بانسحاب حزب الله من الحدود مع إسرائيل، وربما نزع سلاحه، وإحلال الجيش اللبناني في المواقع التي كان يسيطر عليها الحزب على الحدود مع إسرائيل، ووضع ترتيبات تمنع حزب الله من إعاقة عودة سكان شمال إسرائيل إلى مساكنهم على الحدود مع لبنان، ولا أعتقد أن إسرائيل ستقبل بأقل من ذلك.