رمضان جريدي العنزي
أصبحت الألقاب التفخيمية فوضوية، تطلق بالمجان على من هب ودب، إذ لا ضابط لمنح تلك الألقاب، بل بات الأمر متروكاً للمزاجية والهوى، يطلقها البعض على الآخر إما جبراً لنقص، أو بحثاً عن مكسب، أو تودداً أو غاية ونفاقاً، إن الألقاب لا تثبت حقيقة المرء، ولا تدل على أفضليته على غيره، أن حروف الأبجدية كلها وأن تراصت قبل الاسم فلن تفيد الشخص إن لم يكن أهلاً لذلك حقيقة وصدقاً وواقعاً وفعلاً وقدرة وإمكانية، أن بورصة الألقاب المجانية غدت واسعة وكبيرة ومداها غير محدود، تفخيماً وتبجيلاً، وصارت مثل شرب الماء، يغدقها البعض على البعض الآخر كأعطيات ومبالغات وفق ذرائع قد تبدو في غالب الأحيان ليست منطقية ولا موضوعية، لقد تجاوزت بعض هذه الألقاب والمسميات والصفات مداها، حتى أصبحت تطلق على من لا شأن له ولا موقف ولا فعل ولا حضور، أن أغلب هذه الألقاب مثيرة للسخرية والشفقة على صاحبها، لأنها تكشف مدى الافلاس والقصور لديه، أن أغلب من يمنحون الألقاب المجانية يعرفون أنفسهم جيداً، ومع ذلك نجدهم يعيشون الزهو المزيف، والمجد المغشوش، والعنفوان المزور، أن أغلب الألقاب والمسميات والصفات التي تطلق على البعض فيها الكثير من الوهم والتوهم، وتفتقد غالباً للشروط والمعايير، والمواصفات والمقاييس، والتي أبعدها كثيراً عن الاحترام والمعنى والقيمة، لقد أصبحت الألقاب تمارس بشكل فوضوي، فيها الكثير السطحية والتسطيح، نلاحظ هذه المسميات تظهر بشكل واضح وجلي بين أطياف المجتمع، ناهيك عن تداولها في مجال الرياضة والفن والإعلام والشعر والأدب، لقد أصبحت هذه الألقاب والمسميات والصفات مرتعاً للباحثين عنها تأتيهم بكل سهولة ويسر، قد ترضي هذه الالقاب بعض المهووسين بها اعتقاداً منهم بأنها ترفع مستواهم الاجتماعي، إلا أن الأفراط والهوس في استخدامها وتداولها، يؤدي لتدني قيمتها وفقدان دلالتها، أن ثمة مفكرين ومثقفين يستحقون أن تطلق عليهم الألقاب والمسميات والصفات، إلا أنهم يرفضونها بتاتاً، ويستخدمون أسماءهم المجردة، لثقتهم بأن ما يحتكم إليه أخيراً هو إنجازاتهم وفعلهم، أن الشغف بالألقاب هو دليل على الشعور بالنقص، لأن المسألة تصبح مجرد بحث عن تعويض، علينا أن ندرك تماماً حقيقة الأفراد واستحقاقهم قبل أن نطلق عليهم المسميات والألقاب، أن علينا أن نضع خطوطاً حمراء أمام فوضى التلاعب بالمسميات والألقاب، لأن الغالبية قد استهانت بها، وكأنها بضاعة تشتى من بازار رخيص.