محمد العشيوي - «الجزيرة»:
ليلة (عبد الوهاب) ليلة أرستقراطية موسيقية يحتضنها «موسم الرياض» في نسخته الخامسة محملة بالثقل الفني والموسيقي الكبير؛ تكريما لإرث الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب أحد أعمدة الموسيقى العربية الكلاسيكية، والتي تربط الماضي بالحاضر بكل احساس مرهف وسماع مغنى ذهبي أصيل من الشجن، ذلك هو الفن والطرب عندما سيشدو نجوم الليلة في بعض من روائع الموسيقار تحت عتمة الليل وضوء القمر وخيال واسع بنسمات أجواء عليلة في «موسم الرياض».
يا أغلى من أيامى..
يا أحلى من أحلامي
خذني لحنانك خذني..
عن الوجود وأبعدني
ليست عبارة عن كوبليه غنائي صدحت به كوكبة الشرق (أم كلثوم) فحسب عندما تغنت في رائعة (أنت عمري) لأول مره في العام 1964، بل هي جملة لحنية موسيقية سافر بها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب إلى عالم من الأحلام والكثير من الأمنيات التي تسطر وتروى للأجيال، حتى أصبحت هذه الرائعة واحدة من الأعمال التي خُلدت في تاريخ الأغنية العربية، عندما لحنها الموسيقار بكل استبسال وعاطفة جياشة لتعبر ألحانه حناجر نجوم الفن بالوطن العربي، ذلك هو الموسيقار الذي افنى حياته تكريسا لخدمة الفن منذ حقبة العشرينيات الميلادية، حتى صال وجال في ترجمة الألحان إلى ابعد مدى لتكون ثنائيته التي قدمها مع ام كلثوم واحدة من ضمن ملاحمه اللحنية إبان فترة حقبة الستينيات وأول السبعينيات، لتنتج عن باكورة من الجواهر الموسيقية في الوطن العربي من بينها (امل حياتي، دارت الأيام، فكروني، أغدا ألقاك).
قدم الراحل في مسيرته المئات من الألحان العظيمة التي سطرها من ذهب بأصوات لا تنسى في ذاكرة الموسيقى العربية من بينهم طلال مداح نجاة الصغيرة وفايزة احمد وفيروز بالإضافة إلى وردة ووديع الصافي وعبدالحليم حافظ وصباح، وغيرهم لتكون الحانه شاهدة على مخملية الأغنية العربية كسيمفونية تتماشى على الألحان، وكهندسة ترسم بأوتار العود لوحات موسيقية شرقية تنبض بالحياة الفنية الحقيقية، وبالإضافة إلى الألحان التي قدمها لنفسه كانت الحانه لغيره من النجوم مختلفة عن الأخرى لعشقه للتجديد الموسيقي والتفنن بالتلاعب بالمقامات الموسيقية الشرقية، حتى ولدت الحانه بأصوات غيره لتكون منبعاً للمحبة والسهر والشوق والألم وكل ما يحلو من مسميات شاعرية عذبة في عالم الأغنية.وستقام ليلة (عبدالوهاب) ضمن فعاليات موسم الرياض 2024 على مسرح أبو بكر سالم في الـ25 من أكتوبر الجاري، وسيحيها كل من محمد ثروت، نور مهنا، صابر الرباعي، ماجد المهندس، مي فاروق، وسيقود المايسترو وليد فايد الأوركسترا الموسيقية، لتكون امتداداً لليالي العملاقة التي يرويها «موسم الرياض» كسحر عذوبته الفنية، وتقدم الأمسية بنش مارك، وتوفر الليلة فرصة للجيل الجديد لاكتشاف فن عبدالوهاب والاستمتاع بموسيقاه الخالدة.