د. طارق بن محمد بن حزام
من أهداف الأسرة المسلمة تنمية قدرات الإنسان العقليَّة ومواهبه الذِّهْنية، وتوجيهها نحو الخير العام، ومن الوسائل المعينة على تحقيق هذا الهدف: الأخوَّة الصَّالحة الدَّافعة إلى الخير، الأخوَّة في الأسرة تورث المحبَّة والإيثار، وتبعد الحسد والشَّحناء والغل والقطيعة، وقد رأينا كيف فعل الحسد في أسرة يعقوب - عليه السلام - حيث قضى الحسد والبغضاء على استقرار الأسرة الكريمة.
الأسرة هي الدرع الحصين وفي ذلك دلالة على الشدَّة والقوَّة؛ حيث إنَّ كلَّ فرد فيها يشد عضد أخيه ويقويه، فيحصل التَّآلف والأخوة والتكاتُف فيما بينهم، يفرح الأخ لفرَح أخيه، ويغضب لغضبه، ويألَم لألمه فتغدو الأسرة كالجسد الواحد، الذي إن اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الأعْضاء بالحمَّى والسَّهر، وبذلك تتميَّز الأسرة ذات العلاقة الاخوية القوية عن غيرها من الأسر.
والعلاقة بين الإخوة والأخوات يا كرام ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية.. ولا أوراقاً مرسومة في شجرة العائلة.. ولا أرقاماً هاتفية مسجلة في هاتفك.. أو علاقة صداقة.. هي دم يجري في عروقك، لذلك حتى لو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم في عروقك لتشعرك بالحنين إليه.
لا تقل إن زرتني زرتك.. وإن أعطيتني أعطيتك.. وإن أحسنت إليّ أحسنت إليك.. فمن يقيسون عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر وتصحر الأحاسيس وتباعد المسافات!
روعة الأخوة أن تشعر أختك أو أخوك بقيمته في حياتك.. باشتياقك له.. بأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك.. بأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه..
أن تسنده قبل أن يسقط.. أن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك.
فإياك ثم إياك أن تفرط بإخوتك من أجل أي شيء في هذه الدنيا، فكل شيء يمكن تعويضه ولكن إخوتك إن ذهبوا فلن يأتي غيرهم.