محمد بن إبراهيم العرف
الرحمة ليست مجرد شعور عابر أو حالة نفسية تأتي وتذهب، بل هي سلوك إنساني يتجسد في المواقف اليومية، عندما نتحلى بالرحمة فإننا لا نمارس تعاطفاً فقط تجاه من تجب عليه الرحمة، بل إننا في حقيقة الأمر نعكس ما يأمرنا به ديننا الإسلامي في اللين والرفق والتراحم بين البشر، إن مفهوم الرحمة لا بد أن يكون نابعاً من رحمتنا بأنفسنا، وهذا ما يجعلها تمتد إلى من حولنا من أصدقاء أو حتى غرباء.
كما أن الرحمة في الحقيقة ليست ضعفاً كما يظن البعض، بل هي القوة في أجمل صورها، وللعلم أن الرحمة لابد أن يقابلها صبر عظيم، في اعتقادي البسيط أن الصبر هو الأساس في مفهوم الرحمة وهو الأساس لتفعيل مبدأ الرحمة، ومن المعلوم أن الرحمة من الممكن أن تكون في أشكال متعددة من أبرزها الرحمة واللين في الحوار وعدم تصويب الرأي لمجرد المهارات الشخصية في الإقناع وغيرها من الأساليب.
يجدر الإشارة إلى جانب مهم جداً وهو الرفق والرحمة واللين ممن كان له سلطة يستطيع أن يستخدمها دون النظر إلى مبدأ الرحمة، إلى ذلك الشخص الذي ينتهج هذا المبدأ دون الاكتراث للرفق واللين.
أذكرك ببيت شعر لكعب أبن زهير حين قال «كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ» كيف من الممكن أن نستشهد بهذا البيت؟ يقول قال ما هو عامل الربط؟ في رأيي أن لكل شيء بداية ونهاية، وهذا لا تحتاج إلى رأي، بل هي الحقيقة كما أن لكل ولادة موت أيضا ولكل سلطة انتهاء إما بموت أو بانتهاء هذه السلطة.
في الختام الرحمة في اعتقادي هي الوسيلة الأساسية لخلق مجتمع صحي قائم على الرحمة والتراحم والتواد، ولا ننسى أن نشير إلى حديث أشرف الخلق الذي هو الأساس في مفهوم الرحمة قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).