د. تنيضب الفايدي
فوجئت بأن التلفون يطلبني ما بين صلاة الظهر وصلاة العصر، وإذا الصوت لا تنكره أذني، وهو صوت الحبيب الأستاذ عبد الرحمن بن سليمان النزاوي، وإذا هو على بابي، وكما يعلم بعض الأحباب أنني لا أستطيع الوقوف لوحدي؛ لأن إحدى قدمي قد كسرت ساقها ووضعت لها مسامير وقد أصبحت عادية والحمد لله، والأخرى عانيت منها فترة طويلة، ولعلّ حالة القدمين أنني كنت منذ فترة طويلة أرتقي الجبال من جبل إلى آخر، حيث جبال الحجاز وجبال عسير وجبال نجران وبقية أرجاء الوطن خلال أربعين عاماً، وحالتهما الآن أنني لا أستطيع استقبال الزائرين (إلا بمساعد) وذكّرني ذلك قول أبي العلاء المعرّي: (أنني مستطيع بغيري)، ومنهم المثقف والأديب عبد الرحمن النزاوي، ولكنه اعتذر ووضع الكتاب في المصعد وعندما استلمته فإذا هو (سعودي في المغرب)، ويظهر لي أنها أول نسخة يقوم بتوزيعها جزاه الله خيراً وإذا محتواه يدلّ على أهداف متعددة، منها الاستفادة من السياحة في المغرب حيث بدأ هو وصاحبه (أحمد) حيث إنه (أي: عبد الرحمن) يمثله (فيصل) قاما بأداء صلاة الفجر في أقرب مسجد من الفندق، كما أنه باختصار ذكر أشهر مدن المغرب السياحية، وأشار إشارة خفيفة لما يتميز كلّ مدينة منها، وذكرني موقفه هذا قبل عشر سنوات تقريباً حيث طلب مني كلمة يضعها مقدمة لقصة سعودي في بيروت قبل طباعته بعامين، وكتبت له على عجل وكان في نيتي أن أكتب غيرها وأرسلها له؛ لأنني أصلاً لم أطلع على محتوى الرواية وإنما ذكر لي مشافهة محتواها ولكن كانت مناسبة جداً لرجل وهو والده رحمه الله الذي كافح حتى أوجد لنفسه ولأبنائه بعض ما يعتزّ به – الأبناء -ولاسيّما في بذل الخير وبناء المساجد ويتنعّم إن شاء الله من فضلها وهو في قبره، وقد أعجبت بهذه الرواية (سعودي في المغرب) واتصلت به وقلت له يبقى لك إصدار رواية ثالثة عنوانها (عربي في باريس Paris)؛ لأن عبد الرحمن صَاحَبَ والده للعلاج فترات زمنية متعددة في عاصمة فرنسا حيث إن باريس تسمى عاصمة العلم والثقافة واشتهرت بها جامعة السوربون (Sorbonne) التي تأسست عام 1256م، حيث أسسها الراهب روبرت دي السربون (Robert de Sorbon) الذي كان يهدف إلى توفير التعليم العالي للكهنة، وعندما فتحت بدأها بكلية الطبّ وكانت باللغة العربية واستمرت باللغة العربية أربعة قرون (أي: 400 عام)، وكانت كلية الطب تعتبر من أرقى الكليات ولا ينتمي إليها إلا من كانت ثقافته عميقة باللغة الربية وقد تطورت جامعة السوربون (Sorbonne)، ومن خريجها ديكارت (René Descartes 1596-1650م) الفيلسوف الفرنسي المعروف بأفكاره حول العقل والتفكير ونشر أسلوب الشك والجدل، وقد أثر كثيراً في الأجيال وكثر ناصروه، ومن الذين تأثروا بأفكار ديكارت وتخرجوا من جامعة السوربون (Sorbonne) في العصر الحديث عميد الأدب العربي طه حسين حيث قابل علماء الأزهر في كثير من المعارضات، وتخرج منها أيضاً فولتير (Voltaire) الذي نشر أفكار التنوير ولاسيما في مجال حقوق الإنسان، ومن النساء تخرجت سيمون دي بوفوار (Simone de Beauvoir) وغيرهم من كبار المفكرين في الأدب الغربي والتاريخ وعلم الاجتماع والقانون والاقتصاد والعلوم الطبيعية والرياضيات والكيمياء والفيزياء، فهي جامعة عريقة واشتهر كل فرد تخرج منها فباريس عاصمة العلم والثقافة، لذا طلبت من أخي الأديب عبد الرحمن النزاوي أن يعمل هذه الرواية (عربي في باريس) أو (سعودي في الشانزلزيه shanzelize).
وأخيراً أهنئ الصديق على أخلاقه الراقية وكونه جاء إلى داري لتسليم الرواية الثانية له (سعودي في المغرب).