أ.د.عبد الله بن سليم الرشيد
(1)
قُبَيلَ الوعدِ نادتْه
قوافيه فلم يَعْبَأْ
فناحتْ في جوانـحِه
مَواجدُه التي يَـخْبَأْ
(2)
وجاءَ قصيدُهُ سَحَرا
فأيقظَه فما شَعَرا
فغادره... وحين أحَسَّ..
لم يُبصرْ له أثَرا
فوبّخَ عينَهُ..
وانسلّ خلفَ الشعرِ معتذرا
(3)
تـَخَفّى خلفَ فكرتِه
وفَتَّ الطُّعْمَ للكلماتِ وانتظرا
وساح الوقتُ بين يديه..
لا أثرا
فحطّم رأسَ فكرتِه
وخلفَ فراغِه انحدرا
(4)
وقام يُهَدْهِدُ الفَحْوى
ويرقُبُ ساعةَ الإلهامْ
فباغته صبيُّ الأمسِ
مجنونَ الـهوى تـَمْتامْ
فبَعْثرهُ على عمْدٍ
ورَجّ بـُحيرةَ الأنغامْ
(5)
ويبصرُ غيمةً نامتْ
وفي حذرٍ
يدسُّ بـحضنِها بَرْقا
ويمضي ثم يلقَى غيمة يقظى
ولا فرقا
(6)
مشى ليدلِّلَ الأشواقْ
ويقرأَ في مقامِ الصبحِ قصةَ أجْرأِ العُشّاقْ
وهيّأَ صوتَه الـمَجْدولَ من سَعَفٍ ومن أعذاقْ
فجاءَ خريفُه يتلو مراسمَ عهدِه النَّعَّاقْ
فتاهَ النبْضُ وانتحر الصدى في زحمةِ الأبواقْ
(7)
ومرّ بشاعر يبكي
على كِسَرٍ من الأشعارْ
فلم يعبأْ به..
إذْ كان يـُحْيي حفلةً للعارْ
وكسّر فوقَه المزمارْ
(8)
تكلّم لم يكن يدري
بما في الحرفِ من نـزَقِ
فعاجله من المعنى
صدًى في آخرِ الرمَقِ
(9)
ويبصرُ لفظةً عمياءَ
مُضربةً عن الأفراحْ
فيقبضُ لحيةَ المعنى
ويلقي عندها الألواحْ
(10)
أسالَ النغمةَ الأولى
ففاضتْ كأسُه طرَبا
وصبَّ النغمةَ الأخرى
فطاشَ حنينُه حَبَبا
ونادى نارَ بـهجتِه
لتحشوَ صوتَه لـهَبا
فما أصغتْ لطِلْبتِه
فأضرمَ نفسَه حطبا
(11)
يُشاتـمُ قلبَه رهَقًا
ويشطُرُه فينشطِرُ
ويصفعُ خدَّ يقْظَتِه
فيلطِمُ يومَه الـخَدَرُ
فتَلْوِي كفُّ ماضيه
ذراعيْه فيعتذرُ