سلمان بن محمد العُمري
من المفردات الشعبية المتداولة في مجتمعنا «النظول»، وتطلق على الشخص العاين الحسود، ويقال «فلان نظول» أي عينه حارة شريرة، لأنه ربما اصيب الإنسان بمرض أو مقتل، أو تتسبب له بشر في معيشته أو حياته العلمية والعملية.
والعين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه، وهي قاتلة ونوع من أنواع الحسد، بل من الآفات الخطيرة والأمراض المدمرة، والعين حق، كما ورد في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين».
ومن الطبيعي أن مفاهيم الناس تختلف في تصنيفها «للعين»؛ فبعضهم يؤمن بها، وهذا لا خلاف عليه ويتسلح بسلاح الإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى هو الحامي والحافظ عز وجل، والبعض يؤمن بـ»العين» ولكنه يتوجس من كل شيء، وتصل به المخاوف إلى درجة الوسوسة، حتى يصل ببعضهم الأمر إلى إنكار النعم التي أنعم الله عليه بها خوفاً من العين، أو التظاهر بالمرض وضعف الحال، وكثرة التشكي عن حاله وماله، وغير ذلك.
وهناك فئام من الناس تقرن كل مشكلة أو مصيبة تحدث لها وتراها بسبب العين، وهناك من ينكرون العين جملة وتفصيلاً، وأن هذه وساوس ومخاوف لدى الناس الذين لديهم اضطرابات نفسية ومشكلات صحية، وإن بعض مفسري الأحلام، والرقاة هم من يرسخ وينشر ذلك للتكسب والبحث عن الشهرة.
نعم العين حق، وكما يقول العلماء إنها ربما تقع من الإنسان الصالح من جهة إعجابه بالشيء دون إرادة منه إلى زواله، وقد تقع من الحاسد والرسول - عليه الصلاة والسلام - أمرنا بأن نتجنب أذية أنفسنا وأذية الناس على حد سواء، والمشروع للمسلم إذا رأى شيئاً يعجبه أن يقول: ما شاء الله، أو بارك الله كذا، اللهم بارك فيه، كما قال الله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) (39) سورة الكهف. وفي الحديث: إذا رأى الإنسان شيئًا يعجبه فليبرك يقول: بارك الله فيه، اللهم بارك فيه.
ويجب علينا ألا نصل إلى حد الوسوسة وننسب كل ما يحدث إلى العين؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى الخوف والقلق والتوتر وربما الاكتئاب، والواجب حسن التوكل على الله سبحانه وتعالى، والعمل بالأسباب، ولا ينبغي الإفراط والتفريط بشأنها، ولا ينبغي إنكارها والإسراف بشأنها؛ فينسب لها كل شيء.
ومن الظلم اتهام الناس بالباطل حينما تسمع أن أهل البلد الفلاني أو العائلة الفلانية معروفين منذ القدم بالعين، وأنهم: «نظولين» بحسب قول كبار السن.
حفظنا الله وإياكم بحفظه، وكفانا الله وإياكم شر الحاسدين والحاقدين.