منصور ماجد الذيابي
كنت ذكرت وتوقعت في مقال سابق بعنوان «ما يحدث في السودان قد يحدث في لبنان» أن الحرب الأهلية التي اندلعت في السودان في أبريل نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد تحدث كذلك في لبنان وإن اختلفت الأسباب والدوافع والمبررات وراء اندلاع الحرب في لبنان الذي تفجرت فيه الأوضاع مؤخرا بدءا من تفجير اجهزة البيجر بأيدي اللبنانيين وما تلى هذه التفجيرات من قصف إسرائيلي ممنهج ومكثف لمواقع حزب الله ومناطق أخرى مأهولة بالمدنيين الأبرياء ما أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح اكثر من مليون انسان إلى بيروت العاصمة بحثا عن الأمن والسلام بعيدا عن الضاحية الجنوبية وبعيدا عن مواقع حزب الله العسكرية.
ومن هنا، قد يتساءل البشر في أعقاب اندلاع الحروب في فلسطين واليمن ولبنان والسودان عما إذا كان من مهام الميليشيات الإيرانية في المنطقة المحافظة على استتباب الأمن والسلم العربيين في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات والأحزاب، أو أن مهمة تلك الأذرع الإيرانية تنحصر في زعزعة الاستقرار وتهديد الأمن والسلام وإشعال الحرائق في المنطقة العربية لأهداف بعيدة المدى وكارثية النهايات كما اوضحت سابقا في مقال بعنوان « ماذا بعد اشعال الحرائق في الشرق الأوسط»؟!
وكما ذكرت أيضا في مقال بعنوان « محور المقاومة والممانعة»، أرى أن ما يسمى بهذا المحور ليس إلا أداة صنعتها دول كبرى في العالم أرادت لإيران مثلما أرادت لأوكرانيا في منطقة البحر الأسود، ومثلما أرادت لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط بأن يكون هذا المحور ذراعا لها ووكيلا ينوب عنها بالتعاون مع المحتل في خلق الفوضى وزعزعة الاستقرار واحتلال الأراضي، وبناء المستوطنات واندلاع الصراعات؛ لتمزيق الكيانات المتحدة وزلزلة العلاقات الوطيدة بين دول القارتين الآسيوية والإفريقية.
وأما ما يتعلق بالوكيل الإسرائيلي فإننا نعلم جميعا بأن بقاءه على الخارطة كان قد خطط له منذ زمن بعيد لأجل أن يكون مرهونا بالاستمرار في حروبه مع المليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان مقابل اعتراف الدول الكبرى بما يسمى حق إسرائيل في الوجود على الأرض العربية وتزويدها بالدعم العسكري وبكل ما تحتاجه لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتفكيك الأنظمة والكيانات المتحدة.
كما يعلم الجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم بقاء إسرائيل في المنطقة كي تكون شوكة في خاصرة الصين وروسيا إذا ما هددت أي منهما المصالح الأمريكية والوجود الإسرائيلي في الشرق الأوسط وفق زعم التحالف الغربي.
وطالما تعلم هذه المليشيات أن الدول الغربية وتحديدا ألمانيا هي من طردت اليهود من أوروبا ووعدتهم بريطانيا فيما بعد بأن يكون لهم وطن في أرض فلسطين، وهو الوعد المعروف تاريخيا باسم وعد بلفور والذي ينص على عودة اليهود من دول الشتات واستيطانهم على الأرض الفلسطينية، فلماذا إذن تغض ايران الطرف عن جرائم اليهود ضد فصائلها المسلحة في فلسطين ولبنان رغم ارتكابهم المجازر ورغم قيامهم باغتيال قادتها العسكريين والمدنيين في الداخل الإيراني وخارجه، ورغم شعارات «الموت لأمريكا» و«الشيطان الأكبر»، وغيرها من شعارات ولافتات؟!
ومن هذا المنبر الصحفي، ولأجل وقف التدهور الأمني وتجنيب المنطقة مزيدا من المجازر والكوارث والمآسي والحروب ، فيجب على هيئة الأمم المتحدة أن تلتزم بمسؤولياتها حيال وقف جرائم الإبادة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، وبالتالي إرسال قوات حفظ سلام دولية لحماية المدنيين من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وايقاف التوسع الاستيطاني في الأرض العربية المحتلة حتى تنعم البشرية بالأمن والسلام وتطمئن حينئذ بأن الأجيال القادمة سوف تعيش على كوكب الأرض بأمن وسلام ووئام واستقرار وازدهار.