د. عبد العزيز تركستاني
هذه الكلمة سوف أركز فيها على أهمية وجود حملة توعوية ثقافية واجتماعية تحت إشراف الوزارات والهيئات المختلفة، وذلك لسكان العاصمة الحبيبة الرياض، والمستهدفون هم من السعوديين والمقيمين فيها لتعويد الناس شبابا وشابات ورجالاً ونساءاً وأطفالاً على استخدام القطار بشكل يومي ومستمر ويكون عادة دائمة وليس مؤقتة، واستعماله بالتوازي مع السيارات الخاصة التي يمتلكونها. ولعل الاستغناء التدريجي للسيارات هو الهدف في أيام الأسبوع على أقل تقدير.
إن تغيير نمط تنقلاتنا الذي تعودنا عليه خلال الأربعين سنة الماضية للتنقل داخل المدينة في السيارات، يحتاج الآن إلى أن يكون هناك نمط جديد اجتماعياً وثقافياً يتعود فيه المواطنون والمقيمون على حد سواء بالخطوات الجادة والجديدة التي ترافق تدشين هذه القطارات..
ولعلي أركز هنا على فئة الشباب والشابات الذين يمتلكون سيارات خاصة ولديهم أعمال في الوزارات والشركات المختلفة بالرياض ويحتاجون إلى التنقل بيسر وسهولة كما هو الحاصل في دول العالم التي تستخدم القطارات والمترو بشكل يومي وبالملايين من الناس كما لمستها شخصيا وعايشتها في امبراطورية اليابان لأكثر من عقدين من الزمان.
ولعلي أفرد فيها مقالا منفصلا عن الحياة اليومية لاستخدام المترو في العاصمة طوكيو والذي يتجاوز استخدامه لأكثر من 8 ملايين نسخة يومياً وهي نسبة تتجاوز بـ22 % بقليل من أصل 40 مليون شخص يستخدمون السكك الحديدية بشكل عام.
وعلى الشباب أن يقتنعوا الاقتناع التام أنهم لابد أن يتركوا سياراتهم في منازلهم أو في مواقف خاصة بجوار هذه المحطات وركوب القطار والوصول إلى أماكن العمل بكل يسر وسهولة.
إن عملية ترك السيارة والاقتناع بأن القطار هو البديل العملي وكسب الوقت والدخول في تجربة جديدة في المجتمع تحتاج إلى أن يكون هناك حملة إعلامية منسقة ومرتبة طوال العام تحاكي هذه الفئة من الشباب والشابات وتبين أهمية استخدام القطار الذي سوف يساهم في معالجة مجالات عديدة منها التخفيف من استخدام الطاقة وترشيدها.
وأيضا يساعد على دعم وتطوير في الجوانب الثقافية بحيث يكون القطار مكانا للقراءة الكتب والمجلات والصحف التي تساعد على تنمية الوعي الثقافي داخل المجتمع خلال الفترة القصيرة التي يتم فيها ركوب القطار، كما هو الحال في كثير من الدول ومنها اليابان التي يستخدم الناس القطارات والباصات فقط خلال فترة الدراسة.
ولعل من الطرائف التي لمستها في اليابان أن هناك فصولا دراسية مؤقته للغة الإنجليزية وغيرها لمدة 50 دقيقة للركاب الراغبين أثناء ترحالهم من وإلى طوكيو.
ولعله أيضا يساعد أيضا في النواحي الاجتماعية أن تجد في داخل القطار مجموعة من الأصدقاء والزملاء الذين يتعارفون ويتبادلون الخبرات في السفر والتنقل بشكل انسيابي داخل مدينة الرياض.
وهناك أيضا في المجال الاجتماعي يمكن أن يساهم في تطوير مفهوم المحافظة على التوقيت في ركوب القطارات والخروج منها وتخفيف الضغط، حيث إنني أذكر عندما كنت أعمل بالسفارة في اليابان أن استضفت أحد رؤساء محطات القطار المشهورة هناك وسألته لماذا تتعمدون أن يكون تحرك القطار في 7:02 مثلا وليس السابعة تماما أو السابعة وخمس دقائق.
فذكر لي أن وجود هاتين الدقيقتين علمتّ اليابانيين على مدى الأربعين سنة الماضية على احترام الوقت، لأنه فعلاً كما يعرف الجميع إذا جاء الراكب متأخراً دقيقتين عن تحرك القطار سوف يجد القطار قد فاته ولابد أن ينتظر 10 دقائق أخرى وهكذا يضيع عليه اليوم كاملا بسبب هاتين الدقيقتين.
هذه هي مجموعة من المقترحات السريعة على عجل، وأتمنى أن تقوم الدوائر الحكومية كل في تخصصها في تجهيز الحملات الإعلامية الاجتماعية والإعلامية الثقافية والإعلامية الخاصة بالطاقة وغيرها لتشجيع الشباب والشابات على استخدام القطار بشكل متواصل، خاصة وأنه سيكون متاحا بشكل انسيابي من فجر اليوم حتى وقت متأخر.
أخيراً، هذه بعض الأفكار وأتمنى أن نترك المجال للكثير من الخبراء والزملاء في تخصصاتهم في المجالات الاجتماعية والنفسية والثقافية ليساهموا في تطوير هذا المفهوم لخدمة هذا الوطن المعطاء.