د.عبدالعزيز بن سعود العمر
ربما كان يجب علي أن أضيف إلى عنوان هذه المقالة مفردة «بالضرورة»، ليصبح العنوان كالتالي: «هل ارتفاع ميزانية التعليم يعني بالضرورة جودته؟»، وهنا لا بد أن أوكد أن عدم توافر المال الكافي للصرف على التعليم يمكن تعويض جزء من نقصه بتوافر الفكر التربوي التطويري الإبداعي والفكر التطويري الإداري المتميز، وأتذكر في هذا الشأن أن طلاب دولة فقيرة مثل غانا حققوا في مسابقة تعليمية دولية إنجازاً تعليمياً يفوق ما حققه طلاب دولة غنية مثل جنوب إفريقيا.
في العقود الماضية مر على تعليمنا سنوات كان تعليمنا يحصل على تمويل جيد ، ومع ذلك لم نلحظ - كآباء ومهتمين بالشأن التعليمي - تغيراً ملحوظاً في مستوى أداء طلابنا (مقاسا بحدوث تغيرات نوعية عالية في إنجازاتهم التحصيلية، وهو ما كشفت عنه نتائج مشاركة طلابنا في مسابقات دولية خلال العقد الأخير من الألفية الثانية، والعقد الأول من الألفية الثالثة، هنا قد يثور السؤال الكبير التالي: لماذا لم يظهر فيما مضي أثر تصاعد ميزانيات التعليم على جودته، في تصوري الشخصي أن السبب في تدني اثر المال على تطور التعليم قد يعود إلى التبدلات المفاجئة في بعض المشروعات التربوية، أو التراجع عن بعضها، إضافة إلى عدم قدرة بعض قادة المشروعات التربوية على تحويل استراتيجيات وسياسات تطوير التعليم إلى برامج عمل قابلة للتنفيذ والمتابعة.
أذكر في هذا الصدد أن مشروعاً تعليمياً تم إقراره على مستوى مدارس المملكة قبل أكثر من عقد من الزمن، لقد تطلب هذا المشروع تجهيز مختبرات علمية متقدمة، ولكن للأسف تم التراجع عنه لاحقا، ربما كان سبب التراجع افتقاد مشروعاتنا التعليمية حينها إلى دراسات الجدوى. ومما قد يكون أسهم في تدني أثر المال على التعليم ضعف اساليب المحاسبية والمساءلة عن أي إنفاق على التعليم. فكان يجب ربط كل مشروع تربوي جديد بنظام مساءلة متقن وبدراسات جدوي مسبقة، وأخيراً لابد لي من القول إن الفساد هو العامل المشترك في هدر أي مشروع وطني مهما كانت الميزانية المخصصة له.
وهنا يجب أن نقف احتراماً وتقديراً لجهود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في محاربة الفساد، ليقينه أن الفساد يقرض في أي مشروع تطوير وطني حتى يدمره.