د. محمد عبدالله الخازم
أسست أول منظمة أهلية للعلاج الطبيعي في المملكة عام 1992-1993م، سميت حينها «مجموعة الرياض للعلاج الطبيعي» ثم تطورت بعد سنوات لتكون «المجموعة السعودية للعلاج الطبيعي» وفي العام 2002م أسست «جمعية العلاج الطبيعي السعودية» لتحل بديلاً للمجموعة. قبل ذلك بدأت طلائع تخرج أول دفعة بكالوريس في العلاج الطبيعي عام 1986-1987م تقريباً، من كلية العلوم الطبية بجامعة الملك سعود. اليوم، نحتفي بالمهنة وتقدير زملائنا في جمعية العلاج الطبيعي السعودية حيث يقيمون مؤتمرهم لهذا العام، برعاية كريمة من لدن أمير منطقة الرياض، صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن بندر، حفظه الله.
البدايات تشير إلى أنه لم يكن هناك إقبال كثير على تخصصات العلوم الصحية بصفة عامة ومنها العلاج الطبيعي، الذي شكل نموذجا يحتذى به على مستوى التخصصات الصحية. بعض تلك البرامج كانت تخرج أعداداً تقل عن عدد اصابع اليد الواحدة بسبب ضعف الإقبال، أما الأن فإن الفائض الباحث عن وظائف من مخرجات التخصصات الصحية يقدر بالآلاف.
كنت أحد خريجي تلك البرامج وساهمت لاحقاً في تأسيس عدد منها، وأسعد بما يحدث فيها من تطور كبير يستحق الثناء والتوثيق كنموذج للتطور الكبير في خدماتنا الصحية وبرامجنا التعليمية الصحية.
نقدر جهود الأوائل فيها ومن عمل بجد وغامر وساهم في تأسيسها سواء تعليمياً أو وظيفياً أو تطويرياً. كما نفخر بأنه على المستوى القيادي هناك أكثر من مدير جامعة ورئيس مؤسسة كبرى صحية وغير صحية، كانوا من مخرجات تخصصات العلوم الصحية/ الطبية التطبيقية.
ربما يعتب البعض من تسرب بعض كفاءات المهنة إلى مهن ووظائف أخرى، ومنهم كاتبكم الذي توقف عن ممارسة المهنة منذ العام 2006م. بعيداً عن الخيارات الفردية، العلاج الطبيعي مهنة تحمل في ثناياها العديد من المهارات والسمات المعرفية والفكرية التي تؤهل المتخصصين فيها للعمل في مجالات قيادية وصحية أخرى. لذلك نراهم في مراكز متعددة يمارسون أعمال الإدارة والقيادة والتخطيط والأعمال والجودة والتعليم وغيرها، سواء في المجال الصحي أو في مجالات أخرى، أثبتوا إبداعهم فيها. طبعاً، لا نغفل بأنه رغم المتطلبات البدنية والفكرية والإنسانية العالية للتخصص، فإن التدرج الوظيفي فيه أحياناً محدود، مما يحفز الرغبة في التغيير والانطلاق إلى فضاءات أخرى ذات علاقة وأفضلية في الفرص والمميزات.
أحياناً، أفتقد العمل المهني وتلك العلاقة الإنسانية بين المعالج والمريض/ المراجع. كل مريض معنا له رحلة نسعده فيها وذويه - إن وفقنا- بتلاشي الألم وتحسن الحركة لديه، وما يترتب على ذلك من تحسن في وظائفه وجوانب حياته الأخرى. نعم، العلاج الطبيعي هو سيد المهن الصحية في تخفيف الألم وتحسين الحركة، يتعامل مع الطفل في شهوره الأول ومع الشيخ في أخر أيامه، مع الرياضي والمحارب في قمة عطائه البدني والعاجز في أوهن لحظات عمره.
أنا هنا أحتفي بمسيرة أربعة عقود من النمو لمهنة العلاج الطبيعي. مؤتمر المهنة يبدأ وخلاله يتم تبادل الهموم وتشارك النجاحات، نسعى لتحفيز الأجيال القادمة في المهنة كما نسعد بتكريم المميزين وأصحاب العطاء الممتد على كافة المستويات.
وأختم، بعد أخذ إذن الزملاء والزميلات، بالتقدم نيابة عنهم بالشكر إلى سمو أمير الرياض، حفظه الله، على رعايته الكريمة للمؤتمر، ورفع التقدير لجامعة الملك سعود، حاضنة جمعية العلاج الطبيعي، على دعمها للجمعية وأنشطتها المختلفة. كذلك، التقدير للرعاة وكافة المساهمين في تنظيم وإنجاح هذا المؤتمر، الذي نرجو أن يعكس ما وصلت إليه مهنة العلاج الطبيعي من تطور وازدهار.