رمضان جريدي العنزي
قال الشاعر:
جراحات السِنان لها التئامٌ
ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
الألسنة الحداد أشد قسوة من السيوف، وأكثر وقعاً من الأسنة، لا تكل ولا تمل من الهمز واللمز واللغو والنميمة، نقداً وتسقيطاً وتسفيهاً، وكأن أصحاب هذه الألسنة خالون من العيوب، ومنزهون من الأخطاء، لكنهم بالتأكيد مجبولون على السوء والبغضاء والعداوة والضغينة، يجيدون جلد الآخرين بحرفية عالية مستخدمين مصطلحات غريبة للوصول لمبتغياتهم الأنانية، يقبعون في زوايا السواد، ومناطق الرماد، ويهوون السرد الضبابي لسير الآخرين، أفكارهم وعواطفهم وغرائزهم غير منضبطة، عندهم عنف لفظي وقولي وحركي، هم مثل الترس، يدور حول نفسه، سلوكهم استعلائي بحت، ولا يحاولون النهوض بالإنسان والحياة، وثقافتهم ميتة، يمشون بالنميمة والكذب والتحريف، لا يفعلون الخير ويصدون الناس عن فعله، لهم طبائع وأخلاق مختلفة، ولهم خبث ودناءة وسوء تصرف، أنهم مثل النبتة المرة، والأرض السبخة، والماء الآسن، أن الألسنة الحادة من أخطر الآفات وأكثرها إجحافاً بالناس والقيم والموازين، تستخف بالناس وتزدريهم وتستميت بإبعادهم عن الواقع الذي يعيشونه، وأصحابها يحاولون غمس الآخرين بالعلقم والحنظل وبالمرارات كلها، أنهم أشبه بالغدة السرطانية التي تفتك بالأجساد، وتتلف الأكباد، ومن الحيف جداً أن يحسب هؤلاء من عداد الرجال، أن ظاهرهم يختلف عن باطنهم، وهو من أبشع ما يمكن أن ينحدر إليه الإنسان، لهم تناقض بائن، وازدواجية مخيفة، وعند العقلاء لا يحظون بالتقدير والاحترام، بالتأكيد التام هؤلاء مفلسون، وأعمالهم مفلسة، ووجودهم في الحياة ضياع وعدم.
قال الشاعر:
الوقت يكشف لك وجوه الخسيسين
بالذات أبو وجهين لو قال ما قال
واذا تبي تعرف صفات الخبيثين
راقب وشوف افعالهم عكس الأفعال
ناس على جلب المشاكل حريصين
تلعب على الحبلين بأسلوب دجال
وفوق الرزالة والخساسة غثيثين
فيهم صفات إبليس في زول رجال