م. بدر بن ناصر الحمدان
ينطوي مفهوم التراث العمراني على «جميع المدن والقرى والأحياء والمباني والمرافق ذات القيمة المعمارية، أو التاريخية، أو العلمية، أو الثقافية، أو الوطنية»، وتعرف العمارة العامية على أنها مُصطلح يعمل على «تصنيف أساليب البناء التي تستخدم الموارد المتاحة محلياً لتلبية الاحتياجات المحلية، وتميل إلى التطور مع مرور الوقت لتعكس الظروف البيئية، الثقافية والسياق التاريخي الذي وجدت به».
في أكتوبر 1999م صادقت (الإيكوموس) في المكسيك على ميثاق يعزز من المحافظة على التراث المبني العامّيّ؛ باعتباره عمارة شعبية تحتل مكانة في وجدان الشعوب وأحد براهين قدرة الإنسان على التكيف مع محيطة، وتهيئة بيئته المحلية من أجل المأوى بأسلوب جمالي ووظيفي رغم عفويته الطاغية وبدائية تكوينه، وتناول الميثاق أهمية التراث المبنيّ العامّيّ كأحد أشكال التعبير عن ثقافة المجتمع والتنوع الثقافي العالمي والتجربة الأكثر استجابة لاحتياجات الناس الاجتماعية والبيئية، وأشار الى أن المنشآت العاميّة حول العالم باتت تعاني من التدهور والتقادم، مما استوجب وضع المبادئ اللازمة لصونها وحمايتها.
مبدأ النسيج العضوي المتضام في البناء التلقائي يبرز كأهم سمات التشييد التي تجعل منها مجتمعاً عمرانياً فريداً، استطاع تطويع المبادئ الثقافية والموارد المتاحة لتلبية الاحتياجات المحلية في البناء، وهو ما يجسد مفهوم «العمارة العامية» التي تميل إلى التطور مع مرور الوقت لتعكس الظروف البيئية والثقافية والسياق التاريخي الذي وجدت بها، إذ يمكن التعرف على هذا النمط من خلال أسلوب البناء السائد والترابط بين النسيج المعماري والكتلة والمظهر العام والفراغات العامة، ويعتمد المحافظة على هذه المفردات التقليدية من خلال تقديرها واحترام قيمها الثقافية وطابعها المعماري كجزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي، مع التأكيد على ترميمها كمجموعات مبنية وليست مباني مستقلة عطفاً على نسيجها كتجمع عمراني مترابط.
من أهم المصادر عن التراث العمراني العامّيّ موسوعة العمارة العامية في العالم عبارة عن وثيقة مكونة من ثلاثة مجلدات تفصّل الهندسة المعمارية التقليدية للعالم حسب المنطقة الثقافية حيث نُشرت في عام 1997، وحررها (بول أوليفر) من معهد أكسفورد للتنمية المستدامة وجامعة أكسفورد بروكس.