د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
يتجه صندوق الاستثمارات العامة في السعودية نحو زيادة حجم المعروض من الحلول السكنية بموازاة نجاح السعودية في استضافة مشاريع عالمية عملاقة من أبرزها إكسبو 2030، واستضافة كأس العالم 2034 إلى جانب المشاريع العملاقة التي تنفذها السعودية، ولا تود أن تؤثر على مزاحمة العمالة على المعروض السكني للسكان السعوديين والوافدين الذي تتولاه وزارة الإسكان، خصوصا بعدما نجحت الدولة في تحقيق مستهدفات الرؤية في رفع نسب التملك من 47 في المائة 2016 إلى 63.74 بنهاية 2023 بارتفاع 16.7 نقطة مئوية مقارنة بعام 2016 تجاوزت المستهدف والبالغ 63 في المائة.
بالطبع، تستهدف الدولة تحقيق هدف نسبة تملك 70 في المائة في 2030، كانت القفزة كبيرة بين عامي 2016 و2020 وصولا إلى 62 في المائة، بينما كان المستهدف نحو 60 في المائة، فيما كانت القفزة محدودة بين عامي 2020 و2024 بسبب عوامل كثيرة منها جائحة كرورنا وارتفاع نسب فوائد القروض، رغم ذلك حدث هناك زخم في نشاط التمويل خلال الفترة المقبلة ويتوقع أن يتضاعف التمويل العقاري حتى نهاية فترة الرؤية إلى 2.3 تريليون ريال مرتفعا من 816 مليار ريال في النصف الأول من 2024، شكلت قروض الأفراد 79 في المائة من إجمالي التمويل العقاري المقدم من المصارف، في حين بلغت حصة الشركات 21 في المائة، وخلال الفترة الماضية حدث زخم عالي من ناحية القروض العقارية بسبب تسهيل الأنظمة مع تحمل الدولة نسبة معينة من الفائدة للقروض الممنوحة من البنوك.
وقد تولى صندوق الاستثمارات العامة تأسيس شركة سارك للإقامة الذكية للمجمعات السكنية التي تعني بالتطوير والتشغيل العقاري للمجمعات السكنية لجميع فئات العاملين في مشاريع البناء والتطوير الرئيسية في السعودية، بهدف تخفيف الضغط على قطاع مساكن الأسر من جهة، ويزيد حجم المعروض في المنتجات السكنية، مما يسهم بدوره في خفض الأسعار التي تساهم بشكل كبير في خفض نسب التضخم.
كما أن تولي الصندوق هذا النوع من المساكن من شأنه أن يحل أزمة وجود مساكن العمالة في مناطق غير مواتية، وفي نفس الوقت تحقيق بيئة جاذبة للشركات العالمية، عندما تجد مساكن جاهزة لعمالها، خصوصا وأن صندوق الاستثمارات العامة يركز على القطاعات الجديدة والواعدة ومنها قطاع بناء مجمعات سكنية للعمالة، حيث وجد الصندوق أن القطاع الخاص لم يتمكن من الاستيفاء بمتطلبات السوق من بناء مجمعات سكنية خاصة للعمالة مثل مجموعة روشن، وداون تاون، وتطوير المربع الجديد، بعدما اكتشفت تلك الشركات حجم الفرص الكبيرة الموجودة في هذا القطاع بالسوق السعودية، وستكون شركة سارك دورا مؤثرا في تطوير القطاع في إنشاء وتشغيل تلك المجمعات من أجل تعزيز معايير مساكن العالمين التي تجذب الشركات العالمية التي تهتم براحة إسكان عمالها وفق معايير دولية صادرة عن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، وفي نفس الوقت تعزز شركة سارك دور القطاع الخاص عبر تمكين الاستثمار والشراكات الممتدة على كامل سلاسل القيمة بالقطاع.
كذلك تمثل خطوة في تعزيز تنافسية وجاذبية القطاعات الاستثمارية في السعودية، خصوصا وأن السعودية لديها زخم في عقد المؤتمرات الدولية ينتج عنها إقبال كبير من الشركات المحلية والدولية للالتحاق بالمشاريع في السعودية، فمؤتمر التعدين الدولي 2024 حيث تم تقييم 82 طلبا قدمتها 18 شركة، ونتج عن ذلك الموافقة المبدئية على 49 طلبا تقدمت بها 6 شركات لتنفيذ مشاريعها الاستكشافية المتوافقة مع أهداف البرنامج ومعايير المشاركة فيه، إلى جانب المؤتمرات التي تعقد في السعودية ينتج عنها إقبال كبير من الشركات العالمية للالتحاق بالمشاريع في السعودية.
مع هذه التطورات الاقتصادية في السعودية توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد السعودي 4.7 في المائة خلال عام 2025 ارتفاعا من 1.7 في المائة العام الجاري، وأكد خبراء في الصندوق أن الاقتصاد السعودي لم يشهد انعكاسات كبيرة حتى الآن، لأن التوترات الجيوسياسية الجارية في المنطقة، فيما نوه الصندوق بالتقدم الهائل الذي تشهده السعودية من تحول اقتصادي غير مسبوق، وتشيد في نفس الوقت بنجاح السعودية في رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن حيث ارتفع تملك السعوديين للفلل إلى 85 في المائة، فيما يستأجر سعوديون فلل بنسبة 11 في المائة ونحو 4 في المائة لفئات أخرى.
** **
- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية سابقا بجامعة أم القرى