بدر الروقي
مررنا في رحلة الحياة بأشخاص على هيئة متنفسٍ يحتضنُ كل تنهداتنا، ويعانقُ جميع تأوهاتنا.
تأتيه بأخبار جيشٍ قد تسلَّحَ ضدك بالعداوة، وتدرَّعَ نحوك بالكراهية، فيصافحك بكلمة تذيبُ كل ما حملتهُ من توجُس حتَّى وكأنَّ العالم بين يديك أعلنوا السِّلْمَ، وأذعنوا للمصالحة، وطلبوا الأمان.
ثمَّ إنكَ ما تلبثُ قليلاً حتَّى تُحدِّثهُ بتمزقاتك وتبعثراتك التي طالتك في ما يستهوي نفسك؛ فيلملمك ويجمع كل شتاتك بتوجيه وجيه يعيدُ عليك صلابتك، ويجعلُ منك رجلا أقوى.
هذا الشخص ليس شرطاً أنك ستجده في وجهك دائما ولا أن تكون على وصال متصل معه (لا لا)!!
فقد يكون مرورك به مرة في لقاء عابر، بل قد يكون عبر رسالة تحلق بجناحي المصادفة، لتجعلك أكثر ثقةً وصلابةً وارتجالا فتجعلُ منك (كأبي محذورة مؤذن الإسلام) الذي غيَّرتهُ رسالةٌ محمديةٌ وقعت في قلبه بعد تهكُمهِ واستهزائه بالأذان أيّام العودة من حُنين، فأُخبِرَ صلى الله عليه وسلم بفعله، فبعث له برسالة لم تتجاوز الكُليمات من رسول الكرَامات لكنها جعلت منه مؤذناً يرفع أذان الحق وهو يفيض إيماناً وحباً للإسلام، ويتفجرُ طاقةً وإخلاصاً ويقيناً لهذا الدين.
الرسالة التي طارت فلم تهبط إلاَّ بمدرج فؤاد أبي محذورة: «ما أجمل صوته لو استخدمه لما ينفعه في دينه وآخرته!»
وما أجمل أن يكون لنا من هؤلاء الصحبة متنفساً نجدهُ في كل وقت وعند كل احتياج.