د.عبدالرحيم محمود جاموس
تستضيف الرياض يومي الأربعاء والخميس 30 - 31/ 10/ 2024م مؤتمراً دولياً برئاسة سمو وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان تنفيذاً وترجمة للمبادرة السعودية التي أعلن عنها الفرحان في كلمة المملكة العربية السعودية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية الشهر الماضي، والمتضمنة الإعلان عن إقامة تحالف دولي مع شركاء دوليين آخرين لتنفيذ حل الدولتين، أي بالشراكة مع عدد من الدول الوازنة والمؤازرة (لحل الدولتين..).
إن استضافة المملكة العربية السعودية لهذا المؤتمر في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما يتعرض إليه سكانه من إبادة وقتل ودمار وتهجير لسكانه وحصار وتجويع وعنف لم يسبق له مثيل، يمثل خطوة ديبلوماسية مهمة في إطار الجهود الدبلوماسية التي تبذلها في الدعوة لوقف إطلاق النار ووقف العدوان على قطاع غزة ولتفعيل حل الدولتين، وهو الحل الذي يحظى بتأييد دولي واسع كحل قد يحقق سلاماً شاملاً وعادلاً للطرفين.
يأتي هذا المؤتمر وسط جملة تغييرات ذاتية وإقليمية ودولية متسارعة في المنطقة، ووسط توترات وأزمات شديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتصاعد الأزمات الإنسانية فيها بشكل لم يسبقها مثيل.
لذا فإن الأمل الرئيسي المعقود على مثل هذا المؤتمر هو أن يسهم في وقف العدوان وفي كسر الجمود الحالي وتحريك عملية السلام بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس، وفق قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وهذا ما يعزز الاستقرار الإقليمي والدولي.
الآمال المعلقة على هذا المؤتمر تتمثل مبدئياً في إعادة مشروع (إحياء حل الدولتين)، إذ يسعى المؤتمر إلى جمع الأطراف المعنية والداعمين الدوليين حول رؤية مشتركة لحل الدولتين، باعتباره الحل الأمثل الذي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
يهدف المؤتمر أيضاً إلى بناء الثقة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية وبين المجتمع الدولي من خلال دعم مسار سياسي عادل ومستدام بعيداً عن العنف والتوترات يفضي إلى تنفيذ حل الدولتين.
كما يهدف إلى التأثير على الرأي العام الدولي من خلال هذا اللقاء، حيث سيوجه رسائل قوية إلى المجتمع الدولي بأهمية إيجاد حل عادل وشامل يضمن الأمن والسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة ويجنبها ويلات العنف والحروب المستمرة.
كما سيسعى المؤتمر أيضاً إلى مناقشة حلول الأزمات الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون اليوم خاصة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية والقدس عامة، جراء استمرار العدوان والعمليات العسكرية الإسرائيلية، بما يشمل أيضاً العمل على توفير الإمدادات الطبية والغذائية وتعزيز البنية التحتية لقطاع غزة، ومن المتوقع أيضاً أن يصدر عن المؤتمر بيان يدعم حل الدولتين ويدعو إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويمكن أن يتم الإعلان عن تشكيل لجان مختصة لمتابعة الإجراءات الميدانية والتفاوضية بشأن ذلك، من المحتمل أن يُعلن المؤتمر عن مشاريع اقتصادية تستهدف دعم التنمية في الأراضي الفلسطينية وإعادة اعمار وتأهيل البنى التحتية التي دمرها العدوان في قطاع غزة، قد يصدر أيضاً عن هذا المؤتمر دعوات لمجلس الأمن والمنظمات الدولية للالتزام بدورهم في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تفضي إلى تنفيذ حل الدولتين.
هذا المؤتمر يعد خطوة إيجابية، تخطوها الديبلوماسية السعودية والعربية من أجل تنفيذ حل الدولتين.
لكن تحقيق السلام الشامل والعادل يتطلب استمرارية الجهود الدولية والتزام جميع الأطراف بقواعد القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي لازالت إسرائيل تعارضها بشدة وتعمل على تجاوزها وتعطيها، وتوفر لها الولايات المتحدة الدعم والغطاء السياسي والمادي دون انقطاع الذي يمثل انحيازاً سافراً للكيان الصهيوني ويحول دون تنفيذ حل الدولتين.
المملكة العربية السعودية وجهت دعوات إلى عدة دول للمشاركة في هذا المؤتمر، منها دول عربية وأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
تهدف السعودية من خلال توجيه الدعوات إلى جمع الأطراف المؤثرة والمعنية بعملية السلام، بهدف بناء توافق دولي لدعم حل الدولتين وتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
قائمة الدول المدعوة قد تشمل:
1 - دول عربية: مصر، الأردن، الإمارات، المغرب، وقطر، إلى جانب الجامعة العربية.
2 - دول غربية: الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، إسبانيا، وإيطاليا.
3 - دول أخرى مؤثرة: روسيا والصين، اللتان تلعبان دورًا مهمًا في الساحة الدولية وتدعمان مبادرات حل النزاعات.
4 - مؤسسات دولية: الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كمراقبين وشركاء في الجهود لتحقيق السلام.
وجود هذه الدول يعكس أهمية المؤتمر باعتباره منصة لتنسيق الجهود الدولية، ويعزز الآمال بأن يكون هناك توافق دولي حقيقي يدفع نحو إعادة إحياء عملية السلام.