أ.د.عثمان بن صالح العامر
الخميس الماضي 31 أكتوبر اليوم العالمي للادخار، وهذا المصطلح الاقتصادي يأتي ركناً ثالثاً في مثلث الإنفاق المعروف (الاستهلاك) و(الاستثمار) وثالثها الادخار الذي هو محل الحديث في هذا المقال، وكما أن الدول تطالب بذلك وتحرص عليه، فإن الأفراد هم كذلك يجب أن تكون لديهم ثقافة الادخار التي تعني الاحتفاظ بجزء من رأس المال المملوك ملكية خاصة في الحيازة الشخصية وعدم التصرف به تحسباً للظروف الطارئة -لا سمح الله-، أو احتمالية تغير مقدار الدخل الشهري، أو نزول القيمة الحقيقية للعائد المادي الذي يحصل عليه الفرد بصفة دائمة، أو ما إلى ذلك مما يجد في حياة الإنسان، ومن ثم يلجئه هذا التبدل إلى الاقتراض أو التغير الجذري المفاجئ في سلوكه الانفاقي، وكلاهما صعب. ولذلك كان الادخار المادي هو السبيل الأمثل لمواجهة المستقبل بعد عون الله وتوفيقه. إلا أن المبالغة في الادخار على حساب الشقين الآخرين من التوزيع المادي ثلاثي الأبعاد هو كذلك أمر معيب في شخصية الإنسان الاقتصادية بل الواجب التوازن في الإنفاق حسب الظروف والمعطيات التي تختلف من شخص لآخر، كما أن هناك نوعا من الادخار معيبا ألا وهو الميل لاكتناز كل شيء انتهت صلاحيته ولا يستخدمه الإنسان في حياته، أو أنه بلي وتقادم عليه الزمن حتى صار البيت مليئًا بما لا فائدة مرجوة منه لا لشيء إلا مبالغة في حب التملك، وظناً من هذا الإنسان بأنه قد يحتاج إلى هذا الجهاز أو تلك الأواني أو الملابس يومًا ما مع أن هناك من هو في حاجة لها قائمة وملحة، ولو تصدق بها هذا المكتنز على من هم ينتظرون العطاء لكان خيراً له في الدارين وأحسن سبيلاً.
إننا نحن الآباء وأولياء الأمور مطالبون قبل غيرنا بنشر ثقافة الادخار في محيطنا الأسري فكثير من شبابنا وفتياتنا اليوم يؤمنون بقاعدة (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) وكأنهم واثقون من مستقبل الأيام وضامنون عدم تغير الأحوال -لا سمح الله- نعم يتفاءل الإنسان كما هو نهج الرسول عليه الصلاة والسلام ولكن عليه الحذر والتحسب وموازنة الأمور حتى لا يقول يوماً ما يا ليت.. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.