د.عبدالرحيم محمود جاموس
يسرني أن أقدم لهذا الكتاب المهم الذي يقدم دراسة علمية سياسية وإنسانية لشخصية مهمة من شخصيات العمل الوطني الفلسطيني/ السياسي والدبلوماسي الدكتور صائب عريقات، ابن أريحا، ابن أبو ديس، ابن القدس العاصمة، وابن فلسطين، (1955 - 2020) الذي لعب دورا مهما على مدى عقود مهمة من عمره من النضال طالبا واستاذا جامعيا وباحثا علميا رصينا وسياسيا حذقا من طراز خاص، مبتدئا من جمعية الدراسات العربية التي أسسها رفيقه فيصل الحسيني في القدس ومن بيت الشرق إلى المشاركة في عضوية الوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام حيث أثارت الكوفية الفلسطينية الملتفة حول عنقه حينها حنق الوفد الصهيوني بقيادة شامير رئيس وزراء العدو ورئيس وفده في المؤتمر...
في الوقت نفسه الذي لفتت فيه الانتباه من شعبه الفلسطيني ومن قيادته له... الذين رأوا في صورته رمز الفلسطيني الصلب المناضل والمقاتل في كل المواقع والساحات النضالية من أجل هويته الوطنية ومن أجل حرية شعبه ووطنه والسعي لاستعادة حقوقه الوطنية والقومية المشروعة وتتويجها باستقلاله الوطني في دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، من هنا تدرج الدكتور صائب في مواقع العمل الوطني حتى بات شخصية محورية في العمل الوطني وفي المساهمة في بناء السلطة الوطنية المنبثقة عن اتفاق أوسلو وزيرا وعضوا في المجلس التشريعي ثم عضوا رئيسا في فريق المفاوضات بشأن تنفيذ اتفاق اوسلو وبشأن قضايا الوضع النهائي إلى أن تولى مهمة كبير المفاوضين.
لقد كان المرحوم مفاوضا صلبا ثابتا ملتزما بثوابت قضيته رافضا لكل أشكال المناورة والمساومة على الحقوق الأساسية لشعبه... موظفا مهاراته وقدراته الثقافية والمعرفية في القانون الدولي وفي فن وعلم المفاوضات في أداء مهمته، مما أهله أن يكون كبيرا للمفاوضين الفلسطينيين، فكان سدا منيعا أمام مناورات الكيان الصهيوني وضغوطات حلفائه المختلفة، وبفقده قد خسر الشعب الفلسطيني كفاءة مهمة ذات خبرة نادرة.. تلك الصفات والإمكانات الذاتية التي كان يتصف بها الراحل صائب عريقات أهلته أن يتبوأ مراكز متقدمة في هيكل العمل الوطني كعضو في اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمينا لسرها... إضافة إلى توليه إدارة دائرة المفاوضات فيها.
إن هذا المؤلف المهم الذي بذل فيه المؤلف سليم النجار وشركاه في البحث، علاء أبو النادي، ورامي أبو دقة، جهدا كبير لتسليط الضوء على الجوانب المختلفة والمميزة لمسيرة وشخصية الراحل صائب عريقات لا شك أنه جهد كبير وعلى درجة عالية من الأهمية والموضوعية التي ميزت هذا المؤلف، ليس بغرض التعريف بهذه الشخصية الفذة فقط، وإنما للاستفادة من تجربتها السياسية والنضالية النوعية، والتي سيقف القارئ من خلالها على حقيقة أهم المحطات والمفاصل التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية في خلال الفترة من عام 1990م إلى غاية عام 2020م.