عبدالعزيز صالح الصالح
لقد أثبت التَّاريخ أن الفكر الإسلاميِّ يملك الاستجابة لكل متطلبات الحياة.. كما أن الفكر الإسلاميِّ يتميز بالقدرة الفائقة على الاستيعاب والمواجهة، فالأمَّة تسعى جاهدة بكل ما تملك أن تربط الحاضر بالماضي ربطاً يتسم بالعقلانية والتدبر مع استشفاف متطلبات وتحديات العصر، فقد ورثت الأمَّة حضارة كبيرة تزخر بالخيرات والكنوز الفكريَّة والمادِّيَّة والمعنوية، فالواجب علينا أن ننتظر إلى هذا التراث العريق ونستخلص منه ما يساعدنا على استجلاء ظروف المستقبل، وأن نبني عليه هذه الأسس الحضاريَّة القوية بناء يناسب تحديات العصر ومتطلباته بروح متفتحة وبنظرة واعية حتى نتمكن من اللحاق بالأمم التي سبقة أمتنا في كافَّة الميادين المادِّيَّة، فلا تكتفي الأمَّة بترديد عبارات الإشادة بالتراث القديم وانجازات الآباء والأجداد، فالواجب علينا أن نتعلم من هذه التراث وان نستلهم الرُّوح التي كان يسير عليها أولئك العلماء الذين أسهموا في بناء تلك الحضارة الإنسانيَّة، ومن هذا تسعى كل أمة من الامم إلى تطور المعارف والعلوم مع المحافظة التامة على الرُّوح الإسلاميَّة وانتمائها الواضح الذي يعطيها الشَّخصيَّة المستقلة ويعطيها الذاتية المتميزة، حتى لا تسقط في متاهات التبعية والاستلاب الحضاريِّ كما تسعى الى نشر الثقافة الإسلاميَّة وتبرز دور الإسلام في إثراء الحضارة مع كافة جوانبها واتجاهاتها التي تربط أطراف الأمَّة الإسلاميَّة بجميع أبنائها.
فهناك موضوعات عديدة، ولكن أقربها إلى الذهن وأهمها هو موضوع - الارتباط الحضاريِّ بين كافَّة الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة مع ضرورة الدعم المتواصل بالهوية الثقافية والانتماء الحضاريِّ، فنحن أبناء أمَّة واحدة وإذا ارادت الأمَّة أن تشكل شبكة من التواصل فيما بينها فعليها أن تقيِّم العديد من الندوات والمحاضرات واللِّقاءات المفيدة مع كافَّة المختصين حتى يتم التبادل ويتم الالتئام والتوافق والتعارف الحقيقي الذي تسعى إليهم كل أمَّة في جو من الصراحة والألفة والتعاون الذي يخدم واقع الثَّقافة في العالم العربيِّ.. فيجب على الإنسان أن يلتزم بها في مختلف الأحوال والظروف، فهي من مهمات الحياة، والموقف العملي لا يكون عملياً ما لم يحكم بحركة الإنسان وتواجده والأمة العربيَّة والإسلاميَّة بحاجة ماسة إلى الكلمة الصادقة التي تدفع الأمة الإسلاميَّة إلى العمل الحضاريِّ، والتقدم العلميِّ، فالأمَّة في أشد الحاجة إلى الاطِّلاع لمعرفة حضارتها التي ملأت الدنيا ولأول مرة في تاريخ الانسانيَّة بالعلم والنور، حتى يكون الأمر دافعاً إلى مستقبل مشرق في دنيا الحضارة وعلامة مضيئة في الطريق الصحيح ومصدر اعتزاز للتراث العريق. إن كتب تراثنا العربيِّ لا تزال مطمورةً في أقبية خزائن الغرب وكنائسه وأديرته ومتاحفه، ولا يزال محاطاً بكثير من الكتمان، وجاء الاستعمار البغيض فَلَمْلَم الكثير ثم تطوع بعضنا بمساعدته، فحمل إليه عظيما، طمعاً في المال أو الجاه وعندما يتكرم الغرب، علينا بإخراج كتاب تاريخي، فإننا نهللَّ ونكبرَّ، ونشكرهم على عملهم، وعندما نتأمل في أسماء كتب تراثنا فإنها توحي للقارئ والمطلع أننا لم نكن أصحاب شعر وقصَّة وتاريخ فقط، فعندنا العلماء المختصين في كافَّة المجالات في الطب، والصيدلة، والفلكيين والكيميائيين، والفيزيائيين، والرياضيين... وكان الهدف من ذلك إبراز جهود علماء العرب في التراث العلميِّ بشتَّى افرعه ومجالاته.
والله الموفِّقُ والمعين.