اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
في جلسة مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، التي عقدت يوم الثلاثاء، الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى 1446، الموافق للسادس والعشرين من شهر نوفمبر 2024.. وخصصت للإعلان عن إصدار ميزانية العام القادم 1446 - 1447 (2025) تفضل الله المنعم الوهاب علينا، فتدفق الخير غزيراً مدراراً، فكان أبرز ما جاء في ميزانية العمل والإنجاز تقدير الإيرادات العامة للدولة، بمبلغ ألف ومائة وأربعة وثمانين مليار ريال.
فيما تم اعتماد المصروفات العامة للدولة بمبلغ ألف ومائتين وخمسة وثمانين مليار ريال. وتم تقدير العجز بمبلغ مائة وواحد مليار.
وعليه نجد:
1 - تضاعفت ميزانية العام القادم (85) ألف مرة، مقارنة بأول ميزانية رسمية معروفة للدولة السعودية تم إقرارها عام 1352، إثر قرار المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، تأسيس وزارة المالية، وتعيين ابن سليمان وزيراً لها.
وبالعودة إلى الإنجازات التي تحققت في ظل الرؤية منذ إقرارها عام 2016، نلاحظ:
2 - تضاعفت ميزانية العام القادم (224) ضعفاً، مقارنة بميزانية 2016، التي كانت (528) مليار ريال.
3 - انخفاض العجز في ميزانية العام القادم إلى (8.5 %) مقارنة بعجز ميزانية 2016، الذي بلغ (56 %).
4 - تقليص العجز في ميزانية العام القادم بنسبة (84 %) مقارنة بعجز ميزانية 2016.
5 - ارتفاع نسبة الإيرادات غير النفطية إلى (154 %) مقارنة بما كان عليه الحال عام 2016.
6 - ارتفاع نسبة العاملين السعوديين في القطاع الخاص إلى (23 %) في المدة بين 2016 - 2024.
7 - ارتفاع نسبة إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي إلى (24 %) مقابل (28 %) لمساهمة النفط، تأكيداً لتلك القفزة العالية في حجم إيراداتنا غير النفطية.
8 - ارتفاع نسبة الإنفاق على المشروعات النوعية الإستراتيجية، التي تسهم في تحقيق الرؤية إلى (38 %).
9 - حققت السياحة نقلة نوعية مذهلة، إذ تربعت على المركز الثاني بعد النفط، من حيث قوة التأثير على ميزان المدفوعات، محققة عائداً بلغ (48) مليارا.
10 - ارتفاع معدل زيادة الإنفاق عن العام الماضي بنسبة (2.7 %).
11 - حلت السعودية في المرتبة الثانية بين مجموعة العشرين من حيث الدول الأقل دَيْنَاً، مقارنة بالناتج المحلي.
12 - رفعت وكالة موديز تصنيفنا الائتماني إلى (Aa3) كما ذكرت في مقال سابق.
13 - وأزيدكم يا هؤلاء من الشعر بيتاً: في اليوم التالي مباشرة للإعلان عن ميزانية العام القادم، افتتح ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، مشروع مترو الرياض، الذي يعد أكبر مشروع في العالم يتم إنجازه في وقت واحد، وهو أيضاً أحد أهم ثمار رؤيتنا الطموحة الذكية.
ومن المرتكزات:
1 - ازدهار اقتصادنا.
2 - رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
3 - رفع ترتيب بلادنا في مؤشر التنافسية العالمية.
4 - تعزيز قيمة العائدات النفطية غير الحكومية.
فكانت ثمرة هذا العمل الجاد الدءوب، تحقيق إستراتيجيات مهمة في اقتصادنا، استجابة لبرامج رؤيتنا، ويشمل ذلك بإيجاز شديد:
5 - تغيير هيكلي مهم، عزَّز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
6 - تعزيز اقتصادنا غير النفطي إلى مستوىً رائع، بحيث بلغنا مرحلة الأمان ضد تأثير تقلبات أسواق النفط على تنميتنا.
7 - تحسين مستوى التخطيط المالي.
8 - تحسين مستوى كفاءة الإنفاق.
9 - تحسين موقف المالية العامة.
10 - استمرار الإنفاق على المشروعات التي لها تأثير مباشر على جودة حياة المواطن والمقيم.
11 - السيطرة على مستوى التضخم.
12 - وبالجملة: تأكيد قدرة اقتصادنا وكفاءته لمواجهة التحديات العالمية اليوم، التي لم تعد أمراً سهلاً في ظل عالم مضطرب.
والحقيقة أود قبل الختام أن أشيد هنا بأداء وزير المالية محمد الجدعان، في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الإعلان عن الميزانية كعادته دوماً، الذي أكد تمكنه في عمله وغزارة معلوماته وسعة صدره وحضور بديهته وأدبه الجم. كما أود الإشارة إلى تصرف ربما لم ينتبه له أحد، لكنه على كل حال، يؤكد حصافة القيادة الرشيدة في اختيار الكفاءات ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فقبيل انتهاء المؤتمر، وعندما منح الوزير محمد الجدعان الفرصة الأخيرة لسائل أخير، فاتجه السائل إلى المنصة من الصفوف الخلفية، وكان الأمر يتطلب بضعة ثوانٍ فقط لكي يصل السائل، استطرد الجدعان قائلاً: (ما دام الأخ يمشي، سأعقب على تساؤل أحد الإخوة في ما يتعلق بالتضخم... إلخ.
الشاهد في الموضوع، حرص هذا الرجل على استغلال بضعة ثوانٍ معدودات؛ الأمر الذي يؤكد إدراك معاليه العميق لمفهوم الوقت وأهميته؛ فالوقت يعد أحد أهم إيرادات أي ميزانية في تقديري المتواضع.. وهكذا تأكد لنا جلياً أن الرجل الذي يحرص على استثمار بضعة ثوانٍ معدودات، لا بد أن يحرص على تحقيق أقصى فائدة اقتصادية من كل ثانية عمل.
وبالطبع إضافة إلى لفتته البارعة في توجيه الشكر والتقدير لكل العاملين في الدولة، الذين أسهموا بقوة وثبات في تحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة، بل امتد شكره حتى للمواطن، الذي هو المستفيد الأول من كل هذا الجهد والعمل الهائل والتعب. فبمثل الأخ الوزير محمد الجدعان وزملائه الكرام، تستمر قافلتنا دوماً في سيرها إلى الأمام.
فالحمد لله المنعم الوهاب، الذي تواضع كل شيء لعظمته، الحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، الحمد لله الذي خضع كل شيء لسلطانه والحمد لله الذي ذلَّ كل شيء لعزته، على ما أفاء علينا من خير وفير.. فبالشكر تدوم النعم.