د. فاطمة إبراهيم المنوفي
كشف تزامن الحرب الروسية الأوكرانية مع حرب الإبادة على غزة عن ازدواجية المعايير الغربية والنفاق الغربي الصارخ. في بداية العدوان على غزة لم يكتف العالم الغربي الذي يتشدق بالحريات وحقوق الإنسان والحضارة والإنسانية، بصمته على الجرائم التي تقشعر منها الأبدان ضد الفلسطينيين، بل دعم المعتدي الإسرائيلي في انتهاكاته وجرائمه ضد المدنيين العزل في غزة؛ وذهب يؤجج بخطابات محرضة للكراهية والعنف ضد العرب والمسلمين في كل مكان، بحجة القضاء على حماس، في حين أن ممارسات العدو الإسرائيلي الوحشية تحدث علي مدار أكثر من عقد في غزة والضفة الغربية وفي كافة الأراضي المحتلة.
لقد تمعن العالم الغربي في إخفاء الحقائق بل وفي تزييفها وطمسها، وتجلي للعيان أن الموقف الغربي مؤيد لإسرائيل كل التأييد في جرائمها ضد الإنسانية بشكل واضح وصريح، رغم الجرائم الدامية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي من استهداف للرضع والأطفال والمدنيين العزل باستخدام قنابل وصواريخ محرمة دوليا وبيولوجيا، وقصف المساجد والكنائس والمستشفيات وأماكن الإيواء والمنازل، بل وحتى الأماكن التي أعلن عنها جيش الاحتلال زورا وبهتانا أنها آمنة وعلى سكان القطاع النزوح إليها، ومع ذلك تم استهدافهم أثناء النزوح، ولم يعد هناك أي مكان في غزة؟ كل هذه الجرائم لم تحرك ساكنا في الغرب.
ناهيك عن عزل غزة عن العالم، بقطع شبكات الاتصال والإنترنت عن كافة القطاع، وقطع الاحتلال للمياه والكهرباء والغاز والوقود منذ بداية عدوانه، وخروج غالبية مستشفيات غزة عن الخدمة، ومنع إدخال المساعدات، الأمر الذي جعل غزة معزولة تماما عن العالم.
أما عن أشلاء الرضع والأطفال بل وأشلاء الأمهات فحدث ولا حرج؛ رأي العالم أجمع على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لأشلاء رضع بل ورضع تبخرت أجسادهم من شدة التفجيرات، وشاهدنا وشاهد العالم أطفالا صغارا يجمعون ما تبقى من أشلاء أمهاتهم وآبائهم وأطفالا يبكون فوق قبور أمهاتهم.
كل تلك الجرائم الفاشية النازية تحدث أمام أعين الجميع، ولم يحرك العالم بأسره، ساكنا إزاء تلك الانتهاكات البربرية الهمجية الصارخة، بل إن حكومات الغرب أصرت علي موقفها الداعم لإسرائيل وتبريرها ودعمها لعدوانها، وظلت تردد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، عن أي دفاع يتحدثون؟ دفاع ضد الرضع والأطفال والنساء والعجائز؟
وبصمته على الانتهاكات الصارخة ضد حقوق الإنسان وبدعمه بل وبمشاركته في حرب الإبادة على غزة فقد الغرب ما تبقى من مصداقية إن كان هناك لديه ما تسمى مصداقية، واتضح أن القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وخاصة التي تطبق أثناء النزاعات والحروب ما هي إلا أكذوبة غربية تخفي وراءها وجه العنصرية والكراهية الغربية تجاه العرب والمسلمين بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص.
إن ما يحدث في غزة الآن ما هو إلا جرائم حرب مكتملة الأركان بها كافة الأدلة وشهود العيان ومع ذلك العالم يقف صامتا متفرجا، أو متواطئا أو مشاركا، وما تزال الإبادة مستمرة وما يزال الدعم يقدم علي طبق من ذهب.