فضل بن سعد البوعينين
الجبيل، قصة نجاح تنموية فريدة، جمعت بين التنمية المدنية، والبشرية والصناعية. إحتضنت قطاع البتروكيماويات، القطاع الاقتصادي الثاني بعد النفط والغاز. شكل الإنسان فيها محور التنمية قبل المكان، ما انعكس إيجابا على التنمية المجتمعية، و مخرجات الصناعة التي قادها الشباب السعودي وساهم في تطويرها وإيصالها للعالمية.
نجاح النموذج التنموي في مدينة الجبيل الصناعية عكس رؤية القيادة، وخططها الإستراتيجية التي حولت الصحراء إلى واحدة من أكبر التجمعات الصناعية، والمدن الحضارية الحديثة، وساهمت في تعزيز إقتصاديات المحافظة، والمنطقة، والإقتصاد الوطني وتنويع مصادره.
ومثلما أفتخرت محافظة الجبيل باحتضانها المدينة الصناعية، ومساهمتها في خلق القطاع الاقتصادي الثاني بعد النفط، تفتخر اليوم باحتضانها مدينة رأس الخير الصناعية، الركيزة الرئيسة لصناعة التعدين، القطاع الاقتصادي الثالث، والحاضنة للمنطقة الاقتصادية الخاصة على الخليج العربي.
لم تعد محافظة الجبيل مرتبطة بالصناعات البتروكيماوية والتعدينية فحسب، بل أصبحت أكثر ارتباطا بالتنمية الحديثة، وتكامل الخدمات النوعية، والوجهات السياحية المهمة في المملكة، والمنطقة عموما، مستفيدة من إرثها التاريخي، ومواقعها الأثرية، وبنيتها التحتية المتكاملة، و موقعها الإستراتيجي على ساحل الخليج العربي وشواطئها الجميلة وجزرها العذراء التي ستحتضن أحد أهم مشروعات السياحة البحرية « The Rig «، المزمع تنفيذه بالقرب من جزيرة جريد، على بعد 40 كيلومتر من ساحل مدينة الجبيل. من المتوقع أن يسهم المشروع، في خلق وجهة مبتكرة لسياحة المغامرات على منصة نفطية بحرية في الخليج العربي، فيعيد تعريف الوجهات السياحية الاستثنائية.
تنفيذ المشروع على منصة بحرية، سيسهم في تعزيز إرتباطه بإقتصاديات المنطقة المرتبطة بالنفط والغاز، وبخاصة منصات النفط البحرية، فيجمع بين السياحة البحرية، والإرث الاقتصادي الأهم في المملكة والخليج.
التعليم من ركائز تنافسية المحافظة، حيث اعتمدت منظمة اليونسكو مدينة الجبيل الصناعية كأول مدينة تعلُّم سعودية في العام 2020م، ثم احتضنت بنجاح فعاليات المؤتمر الدولي السادس لمدن التعلم، الذي نظمته شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وافتتحه الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، بحضور شخصيات عالمية بارزة، من عمد مدن التعلم، وخبراء، وصناع قرار من مختلف أنحاء العالم.
جسد المؤتمر التزام المملكة والمجتمع الدولي بتعزيز التعليم كركيزة أساسية لمواجهة تحديات العصر، خاصة مع تفاقم الأزمات المناخية، مما يبرز دور الابتكار والشراكات العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
محافظة الجبيل مهيأة للعب دور محوري في إستراتيجية النقل والخدمات اللوجستية، فيمكن لمينائي الجبيل التجاري والملك فهد الصناعي، وميناء رأس الخير، والمنطقة الاقتصادية الخاصة، أن تجعل من المحافظة أحد أهم مراكز الخدمات اللوجستية في المنطقة، ما يعزز مستهدفات المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية واستراتيجية تطوير الخدمات اللوجستية التي تسعى المملكة لتكون مركزا عالميا لها وحلقة وصل حيوية في سلاسل الإمداد الدولية، يدعم ذلك شبكة قطارات تربط موانئ المحافظة بالشمال والجنوب، والغرب عبر خط الدمام الرياض الحديدي، ومستقبلا ستكون من محاور ربط سكة حديد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
من المتوقع أن تحظى محافظة الجبيل بزيارة كريمة من لدن الأمير سعود بن بندر بن عبدالعزيز، نائب أمير المنطقة الشرقية، نائب رئيس هيئة تطوير المنطقة الشرقية، ورئيس اللجنة التنفيذية، وهي مناسبة عظيمة للوقوف ميدانيا على مقومات مدن المحافظة، وإحتياجاتها، وتشكيل رؤية إستراتيجية تسهم في تحقيق التكامل الأمثل بينها، ووضع مخطط إستراتيجي شامل للمحافظة، من خلال هيئة تطوير المنطقة الشرقية، بالشراكة مع الأمانة، يسهم في تحقيق التناغم التنموي فيما بينها، ويعالج تحدياتها، ويُسَرِّع تنفيذ مشروعاتها، ومعالجة المتعثر منها. فمدينة الجبيل في حاجة لإستكمال مشروعاتها التنموية المهمة، والعمل على تحقيق التناغم التنموي بين المدينتين من خلال المخطط الإستراتيجي الضابط للتنمية، وتحديد أولوياتها، وضخ مزيد من المشروعات لإستكمال المتطلبات الخدمية العاجلة.
جهود الأجهزة الحكومية المشكورة في المحافظة تحتاج إلى دعم يسهم في توفير إحتياجاتها لمواجهة متطلبات التنمية وبما يسهم في تعزيز التنمية، واستكمال مشروعاتها، وتحقيق هدف جودة تخطيط المدن وتصميم البيئات العمرانية وخلق بيئة حضرية مستدامة، وتطوير الشريط الساحلي، تماشياً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.