رقية سليمان الهويريني
أليس من الجميل حين تتلقى من شخص مساعدةً أو اهتماماً تجد نفسك -تلقائياً- تقوم بشكره والثناء عليه، بل وتبذل له ما في وسعك من امتنان؟ أجزم أن هذا هو حتماً رد الجميل، بل إنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أنعم على رجل نعمة فلم يشكر له فدعا عليه استُجيب له) وقال أحد الحكماء: من أُعطي الشكر لم يُمنع الزيادة. كما قد قيل: الشكر ثلاثة منازل: ضمير القلب، ونشر اللسان، ومكافأة اليد.
الشكر أفضل ما حاولت ملتمساً
به الزيادة عند الله والناس
ما ألمسه وقد يلمسه غيري أن الجيل الحالي اعتاد أن يأخذ دون أن يشكر! ففي المدرسة يحضر الطلاب للمعلم أو حتى للعامل لتلقي المساعدات المختلفة وحين الحصول عليها لا يقابل فعلهم بالشكر، وكذلك في المستشفيات والأماكن العامة يتلقون الخدمة دون شكر أو شعور بامتنان.
وقد نتفق على أن تلك المساعدات او الخدمات من باب الواجب، وليس مِنّة عليهم، بيد أنني أستغرب أن ذلك يواجه بالتجاهل! فليس أقل من الشكر والشعور بالامتنان حتى لأولئك الذين يملي عليهم الواجب فعله معك! وحتى لو ترسخ لدينا مفهوم: (لا شكر على واجب) فلا بد أن ندرك أن الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وحري بنا أن نعتاد الشكر مقروناً بالدعاء ليتولد لدى الناس السعي لعمل الخير والشعور بالارتياح. للجميع سواء عامل النظافة في الشارع، وفي الأسواق والمنتزهات، أو السائق والعاملة المنزلية.. كما ينبغي أن نشكر المعلم القائم بعمله الحريص على تلاميذه، والطبيب الجاد في مهنته الساهر على راحة مرضاه، وقائد الطائرة الذي ينقلنا من بلد إلى بلد براحة وأمان، ورجال الأمن الذين يحرسون بلادنا!
ولعلي أتساءل لم لا يعتاد أبناؤنا شكر والديهم بعد كل عطاء، ومعلميهم بعد نهاية كل درس؟ وما هو شعورك كمعلم أو موظف أو مدير عام أو رئيس تحرير أو وزير حين يُقال لك: شكراً وعوفيت؟!
إنَّ الشكر داعية الزيادة، والله عَزَّ وجَلَّ يقول: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، كما أن الشكر ثقافة لو أشيعت لخلقت التواصل الجميل بين الأفراد، كما هي فرصة ان يعرف الشخص المشكور أنه أدى عمله وكسب قبول المتلقي، وإلا كيف ندرك أننا قد أحسنا العمل ونلنا رضا الناس؟!