منى السعدي
في كل بيت تجد كبار السن الذين يمثلون رمزًا للرشد والخبرات هم قادة العائلة وملهمو الأجيال الشابة، ومنبع العواطف والذكريات ويعتبر وجودهم في المنزل ثروة لا تُقدر بثمن، يحملون معهم تجارب الحياة المليئة بالقصص والدروس التي اكتسبوها عبر السنين، وهم مصدر كبير للحنان والدفء ويسهمون في تعزيز الهوية الثقافية للعائلة والمجتمع وينقلونها من خلال محادثاتهم ومعرفتهم إلى الأجيال الجديدة، مما يساعد الشباب على مواجهة العقبات بثقة، هذه الحكم المستفادة تساهم في توجيههم في حياتهم الشخصية أو المهنية.
يواجه كبار السن تحديات عديدة مثل: العزلة الاجتماعية والإهمال والتهميش خاصةً أولئك الذين فقدوا أصدقاءهم أو أفراد أسرهم أو الأمراض المزمنة التي يعانون منها مثل: السكري، أمراض القلب، ضعف البصر والسمع، الزهايمر أو الخوف من المستقبل وغيرها من التحديات التي تشكل عليهم عبئاً عليهم.
حقوق كبار السن تعتبر جزءًا أساسيًا من حقوق الإنسان، ويجب أن تُحترم وتُعزز في جميع المجتمعات، والاهتمام بهم أمر لابد منه من خلال رعاية حالاتهم الصحية والاستماع إلى حاجاتهم ومناقشتهم فيها، كذلك تقديم الدعم اللازم في الأنشطة اليومية دون فرض السيطرة أو التدخل في حياتهم، لذلك من الضروري أن تسعى الأسر والمجتمعات إلى توفير بيئة داعمة لكبار السن، بحيث يشعرون بأنهم جزء من الحياة الأسرية والمجتمعية.
في الدين الإسلامي لهم مكانة عظيمة، إذ يوصينا باحترام الكبير وتقديره ونستشهد بقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه». وهذا يوضح أهمية توقير الكبار والاعتراف بمكانتهم والاهتمام بالوالدين وخاصة عند تقدمهم في السن ومعاملتهم بلطف قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا).
في الختام: كبار السن من أهم ركائز المجتمع ويمثلون خزينة من الخبرات والمعرفة التي يجب أن يستفاد منها، وتقديم الاحترام والرعاية لهم ليس مجرد واجب أخلاقي بل هو أيضًا تعبير عن القيم الدينية والإنسانية التي تضمن التكاتف الاجتماعي وتعزيز تماسكه لبناء مجتمعات قوية لتحسين جودة الحياة.