ناصر زيدان التميمي
أصبحت الاستدامة محور اهتمام عالمي نتيجة للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتزايدة. في هذا السياق، اكتسب التميز المؤسسي أهمية كبيرة كهدف تسعى إليه المؤسسات لتعزيز قدرتها على المنافسة والابتكار. العلاقة بين الاستدامة والتميز المؤسسي ليست فقط تكاملية، بل تعد ركيزة أساسية لضمان استمرارية ونجاح المؤسسات في بيئة العمل الحديثة. الاستدامة تعني تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.
تشمل الاستدامة ثلاثة أبعاد رئيسية : البعد البيئي الذي يركز على الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل التلوث، البعد الاجتماعي الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحياة، والبعد الاقتصادي الذي يعنى بتعزيز النمو الاقتصادي مع مراعاة المسؤولية البيئية والاجتماعية.
أما التميز المؤسسي فيشير إلى قدرة المنظمة على تحقيق أداء متميز ومستدام من خلال تطبيق أفضل الممارسات الإدارية، وتعزيز الابتكار، والتركيز على رضا العملاء والشركاء.
يُقاس التميز المؤسسي من خلال نماذج عالمية مثل النموذج الوطني بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة ونموذج التميز الأوروبي EFQM. لذلك فإن العلاقة بين الاستدامة والتميز المؤسسي تظهر في عدة جوانب أهمها التخطيط الاستراتيجي المستدام حيث يساهم إدماج أهداف الاستدامة في التخطيط الاستراتيجي للمؤسسات في تحقيق التميز المؤسسي من خلال تقليل المخاطر وتعزيز الكفاءة، وكذلك تعزيز الابتكار حيث تحفز الاستدامة الابتكار في المنتجات والخدمات والعمليات ما يمنح المؤسسات ميزة تنافسية، بالإضافة إلى تحسين سمعة المؤسسة إذ إن المؤسسات التي تلتزم بالاستدامة تُعتبر أكثر جدارة بالثقة مما يعزز مكانتها السوقية ويزيد من ولاء العملاء. كما أن اعتماد ممارسات مستدامة يزيد من الكفاءة ويقلل التكاليف التشغيلية وهذا يدعم تحقيق معايير التميز، وأخيراً جذب واستبقاء المواهب حيث تعد المؤسسات التي تركز على الاستدامة أكثر جاذبية للموظفين الذين يبحثون عن بيئة عمل مسؤولة أخلاقياً واجتماعياً.
ومن الأمثلة على ذلك شركة أرامكو السعودية تعتبر من الشركات الرائدة في مجال النفط والطاقة حيث تستثمر في تقنيات متطورة لخفض الانبعاثات الكربونية مثل احتجاز الكربون وتخزينه وتعمل على تطوير برامج للحفاظ على الموارد المائية وتقليل استهلاك الطاقة كما تدعم مبادرات بيئية متعددة مثل زراعة مليون شجرة في المملكة ما يجعلها نموذجًا في تطبيق الاستدامة في قطاع الطاقة
شركة سابك واحدة من أبرز الشركات العالمية في قطاع البتروكيماويات حيث تعتمد على مبادرات الاقتصاد الدائري لإعادة تدوير البلاستيك والمواد الخام وتعمل على تطوير منتجات صديقة للبيئة تقلل البصمة الكربونية لعملائها كما تقدم تقارير شفافة عن أدائها البيئي والاجتماعي مما عزز مكانتها في السوق العالمية
شركة الاتصالات السعودية STC تعمل على تعزيز كفاءة الطاقة في تشغيل الشبكات وإطلاق مبادرات رقمية تقلل من استهلاك الورق وتدعم التحول إلى الخدمات الإلكترونية، كما تقدم تقارير دورية توضح التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة
رؤية المملكة 2030 تعتبر الاستدامة محورًا أساسيًا لتحقيق التنمية في السعودية حيث تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الطاقة المتجددة وتطوير الاقتصاد الأخضر مما يعزز مكانة المملكة كشريك عالمي في تحقيق أهداف التنمية وبناء مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.