صيغة الشمري
تعيين مدير الاتصال المؤسسي بات مسألة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، فالمعضلة لا تكمن فقط في إيجاد شخص يُجيد الحديث أو يُتقن تصميم الحملات الترويجية، بل في اختيار من يمتلك الخلفية المناسبة لطبيعة الجهة وأهدافها.
خذ على سبيل المثال شركة عالمية أطلقت إعلانًا تسويقيًا أثار موجة غضب واسعة بسبب رسالة أسيء فهمها. الإعلان كان جذابًا من الناحية التسويقية، لكنه افتقد الحس الإعلامي الذي يقرأ ردود الفعل قبل وقوعها. النتيجة؟ سحب الإعلان بعد ساعات، وخسائر بملايين الدولارات، واعتذار رسمي لم يكن ليُصلح الضرر بالكامل.
في المقابل، هناك جهات حكومية وقعت في فخ بيانات صحفية ركيكة زادت من حدة الأزمات بدلاً من تهدئتها. والسبب؟ مدير اتصال بخلفية تسويقية يتعامل مع البيانات كإعلانات، بينما كان الموقف يتطلب خبيرًا إعلاميًا يُدرك حساسية الرسالة وقوة الكلمة.
أما في المؤسسات التي تعتمد على بناء العلاقات والشراكات، مثل الغرف التجارية، فمدير الاتصال المؤسسي ذو الخبرة في العلاقات العامة يُصبح ضرورة وليس خيارًا. فالتواصل هنا لا يُقاس بعدد الحملات، بل بمدى قدرة المدير على إدارة شبكة العلاقات وضمان الاستمرارية في المصالح المشتركة.
المشكلة اليوم أن بعض الجهات تُعامل الاتصال المؤسسي كإدارة تسويق مُقنَّعة، متجاهلة حقيقة أن هذا المجال يتطلب تنوعًا في الخلفيات بما يتناسب مع طبيعة كل جهة. النتيجة؛ أزمات رأي عام متكررة، وقرارات إعلامية مُرتجلة، ورسائل ضعيفة تهدم أكثر مما تبني.
الحل بسيط لكنه يتطلب وعيًا إداريًا: الخبرة والخلفية العملية أولا. فإذا كنت جهة لديها منتجات وتحرص على البيع والأرباح فاختر مدير اتصال بخلفية تسويق. وإذا كنت هيئة خدمية، فابحث عن إعلامي يفهم لغة الجمهور. وإن كنت جهة قائمة على المصالح المشتركة، فخبير العلاقات العامة هو خيارك الأمثل.
الاتصال المؤسسي لم يعد مجرد وظيفة، بل هو درع استراتيجي يُدافع عن سمعة الجهة ويبني جسور الثقة. وتعيين الشخص المناسب في هذا الموقع قد يُجنب المؤسسات أزمات مُكلفة وخسائر لا تُعوّض. فالتخصص والخلفية العملية والخبرة ليست ترفًا.. إنها أساس النجاح.