مشعل الحارثي
على فراش المرض والألم يرقد على السرير الأبيض حالياً بالرياض أحد رموز قبائل ميسان بني الحارث وكبار أعيان مدينة الطائف الشيخ عبد الله بن دريويش الشعابي الحارثي، وأحد رجال الأعمال ليس على مستوى منطقة ميسان بني الحارث بل على مستوى رجال المال والأعمال البارزين في بلادنا ومنطقة الخليج.
سائلاً الله العظيم رب العرش العظيم أن يكتب له الشفاء العاجل ودوام الصحة وتمام السلامة والعافية، وأن يجعل ما حل به من معاناة الألم والمرض التي امتدت به لعدة شهور ماحقة لذنوبه مكفرة لخطاياه، وأن يعوضه عن تلك الأيام بالخير والسعادة والأجر العظيم.
ولمن لا يعرف الشيخ عبد الله الحارثي فهو من الرجال العصاميين الذين بنوا أنفسهم من نقطة الصفر حتى أصبحت تجارته وخاصة في مجال الأعمال العقارية التي تميز وبرع فيها تمتد على مستوى المملكة ودول الخليج العربي وبعض البلدان العربية.
ومن استقراء سيرة الشيخ عبدالله بن دريويش الحارثي الذاتية تتجلى معاني ومظاهر هذه العصامية فهو ولد في قرية الشعاعيب بميسان بني الحارث عام 1355هـ وتوفي والده وهو صغير ولم يتجاوز الرابعة من العمر، وبعد أن بلغ الثانية عشرة قرر العمل بالزراعة في مزارع والده وأمضى بها نحو (7) سنوات، إلا أنه أدرك أن هذا العمل لا يروق له ولا يلبي ما لديه من طموح ورغبة في خلق مستقبل أفضل له ولأسرته ، وكان هذا الهاجس يسابقه ويلح عليه باستمرار حتى اتخذ قراره بالانتقال من ميسان الى الطائف، وما أن وصل إليها بدأ في ممارسة بعض الأعمال التجارية الخفيفة حتى كون رأس مال بسيط، ثم اتجه للعمل في بناء المنازل التي كانت آنذاك تبنى من الخشب واللبن، ووجد في هذا المجال الطريق نحو تحقيق مبتغاه فحصد من ورائه الشهرة والثقة من الناس ولمسوا بالفعل منه مدى إخلاصه وتفانيه واتقانه لعمله.
وبعد أن تجمع لديه شيء من المال وبنظرة رجل الأعمال الثاقبة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور قرر أن يترك مجال البناء ويخوض تجربة آخري جديدة حيث اتجه لشراء مخططات الأراضي بالطائف في الثمانينات الهجرية كونها مدينة صغيرة ومقبلة على مرحلة نمو سكاني وعمراني كبيرة فقام بشراء أحد المخططات الناشئة والجديدة وبدأ البيع به وجنى من ورائه الخير الكثير من المكاسب المادية وتكون لدية حصيلة مالية مشجعة للانطلاق نحو آفاق أرحب وأوسع. ونتيجة لرؤيته الثاقبة تلك فقد قرر الشيخ عبدالله البحث عن فرص عقارية واعدة في أماكن أخرى فقرر عام 1396هـ الانتقال إلى العاصمة الرياض وكانت هي الأخرى مقبلة على مرحلة تطوير ونهضة عمرانية كبيرة ، وهناك بدا محطته الثانية في شراء الأراضي الخام وعقد العديد من الاتفاقيات والشراكات مع المسؤولين وتجار العقار وكان يشتري مخططات الأراضي ويقوم بتخطيطها وبيعها، وحقق في ذلك الكثير من النجاحات وتوسيع ثروته، وهو ما دفعه أيضاً للتوجه في محطته الثالثة للمنطقة الشرقية فقام بشراء العشرات من الأراضي وتخطيطها وبيعها والتي كانت هي الأخرى تشهد نمواً مضطرداً في العمران والتنمية وخاصة في ظل وجود شركات البترول وأعمال التنقيب الكبيرة ، وقد ساعد في انتعاش وطفرة سوق العقار آنذاك ما قدمته الدولة أيدها الله من منح الأراضي لذوي الدخل المحدود الذين يقومون ببيعها بأثمان قليلة للحصول على المال .
وإلى جانب ما عرف به الشيخ عبد الله بن دريويش من تواضع ولين جانب وحكمة وحصافة وسداد في الرأي، فقد اشتهر بالكرم وحب الإصلاح بين الناس وسعيه الحثيث في هذا الجانب وأياديه البيضاء في دفع الأموال الطائلة في الديات وعتق الرقاب، وغيرها من الأعمال الخيرية التي يقصد بها وجه الله وتقديم النفع للناس والمجتمع.
ولقد لمست شخصياً ومنذ كنت طالباً في المرحلة المتوسطة مدى بساطة وتواضع الرجل حيث كان يزورنا كثيراً ويلتقي الوالد وعمي رحمهما الله الذي تربطه بهما صداقة قوية وكان يأنس بالحديث إليهما والاستماع لمشورتهم في كثير من الأمور، وكان لا يتغيب عنا إلا في القليل من الأيام، ويتناول معنا أغلب وجبات الطعام رغم بساطة سفرتنا المتواضعة أمام رجل بهذا المستوى، كما لمست كذلك مدى حرصه الكبير على تقديم وجاهته وما يحظى به من مكانة اجتماعية في تقديم يد العون للآخرين وتسهيل منافعهم وقضاء حوائجهم.
ولمن لا يعرف أيضاً للشيخ عبد الله بن دريويش أيضاً دوره في دعم كل ما ينعش منطقة ميسان مادياً ومعنوياً، ويساهم في تطوير أرضها الناظرة وامكانياتها المتميزة والتعريف بها للآخرين وما تتمتع به من طبيعية جذابة وجو عليل وقد عهدناه مع مطلع كل صيف يعلن في الصحف المحلية وخاصة جريدتي الجزيرة والرياض بعدد من اإعلانات عن منطقة ميسان مشيراً فيها لما يتوفر بها من خدمات وامكانيات وما ينقصها من متطلبات واحتياجات، ويدعو رجال المال والأعمال للاستثمار في مشاريعها السياحية والزراعية ومرحباً بكل الزوار والوافدين إليها من أبناء المملكة ودول الخليج العربي.
كما أنه من محبي الثقافة والأدب والمثقفين ويحتفظ بداره بالطائف بمكتبة خاصة عامرة بنفائس الكتب والمراجع العلمية والدينية والأدبية (يوجد تفاصيل كاملة عن هذه المكتبة في كتابي تاريخ الكتب والمكتبات بالطائف الصادر عن نادي الطائف الأدبي).
أسأل الله منزل الشفاء ومذهب الداء أن ينزل على الشيخ عبد الله (أبو محمد) الشفاء العاجل، وأن يرد لجسده المتعب عافيته وصحته المعهودة، وأن يشفي مرضى المسلمين والمسلمات أجمعين شفاء لا يغادر سقما، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.