طلال حسين قستي
بتنظيم من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية انطلقت عام 2016 رؤية السعودية 2030 برعاية وإشراف سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز- يحفظه الله- ، وقد استهدفت برامج هذه الرؤية السعي لتحقيق تحول كبير في جميع القطاعات ومنها زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، وتحسين رحلة الحاج والمعتمر، وذلك ضمن العديد من المحاور والبرامج الرئيسية والفرعية، منها برنامج خدمة ضيوف الرحمن، وهو الهدف الثاني بعد الهدف الأول الخاص بتعزيز القيم الإسلامية.
ووزارة خدمات الحج والعمرة التي تسعى بفاعلية إلى تنفيذ برامج وأهداف رؤية السعودية 2030، عمدت ضمن خططها التشغيلية والتوعوية والتثقيفية، إلى تنظيم مؤتمرات ومعارض خدمات الحج والعمرة سنويا منذ عام 2022م، وكان تسلسلها كالتالي: المعرض الأول في عام 2022م تحت شعار «التحول نحو الابتكار»، والنسخة الثانية من المعرض عام 2023م كانت تحت شعار «الجودة في منظومة الخدمات» أما النسخة الثالثة عام 2024م فكانت تحت شعار «الطريق إلى النسك»، وقد جاءت النسخة الرابعة التي تقام في جدة هذه الأيام، فقد حملت نفس شعار العام الماضي وهو «الطريق إلى النسك» حسبما أعلن رسمياً.
وبهذه النسخة الأخيرة، تؤكد وزارة الحج والعمرة مواصلتها لاستقطاب الأفكار والآراء وإبراز الأنشطة، وتعزيز جهود رفع مستوى الخدمات المقدمة للحجاج من جميع أنحاء العالم، وطرح حلول مبتكرة للخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من خلال المؤتمر والمعرض.
وبالعودة إلى شعار المؤتمر والمعرض هذا العام، نرى أنه يدعم منصة «نسك» التي تشرف عليها الوزارة، والتي تعتبر امتداداً للجهود المتواصلة لتحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتيسير إجراءات قدومهم إلى المملكة، ولأن هذا المؤتمر والمعرض الذي تكرر انعقاده محلياً للمرة الرابعة هذا العام، بدعم من القيادة الرشيدة، يحفزني للتفكير فيما هو أبعد من ذلك، حيث أتطلع ألا يكون المؤتمر والمعرض محلياً فقط، بل خارجياً يمتد إلى مدن أخرى في العالم الإسلامي، فشعوب العالم الإسلامي تتطلع بشغف لرؤية جهود المملكة، والاطلاع على الصورة الحقيقية للخدمات المقدمة لهم منذ البدء في التفكير في رحلة العمر، حتى وصولهم وإقامتهم في المملكة لأداء النسك، وأن يلمسوا عملياً ما تبذله المملكة من جهود تترجم البرامج والرؤى التي تهدف إلى تسهيل رحلتهم وتأمين راحتهم منذ وصولهم وحتى مغادرتهم المملكة، وإثراء رحلتهم الدينية وتجربتهم الثقافية، وحيثما يحل المعرض خارج المملكة، فإن زواره سيلمسون عن قرب هذه الجهود والخدمات، التي تتشرف بلادنا بتقديمها لضيوف الرحمن.
وإذا كان مؤتمر ومعرض العام الماضي 2024م قد وصل زواره إلى أكثر من مائة ألف زائر من الداخل، فإنه عندما يتم تنظيمه في دولة عربية أو إسلامية فإننا نتوقع أضعافاً مضاعفة لهذا العدد من الزوار.
أقول هذا وأمامي أمثلة وتجارب عديدة ناجحة للغاية لمعارض خارجية أقامتها المملكة، مثل معرض «المملكة بين الأمس واليوم» الذي كان الإقبال عليه في كل البلاد التي أقيم فيها ضخماً فاق التوقعات.
وبناء على هذه التجارب الناجحة يمكننا أن نتوقع حجم الاهتمام والإقبال الذي سيلقاه المؤتمر والمعرض إذا تم إقامته خارج المملكة، حتى لمرة واحدة على سبيل التجربة في إحدى المدن العربية أو الإسلامية الكبرى، وأتطلع أن يقوم معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، الذي عرف عنه اهتمامه بالإبداع وإدارة التغيير والتطوير، بدراسة هذا المقترح الذي يتوافق مع رؤية السعودية 2030، وشعارها الذي يهدف إلى دعم التواصل مع العمق العربي والإسلامي، من خلال إقامة هذا المؤتمر والمعرض خارج المملكة، مما سيساعد كثيراً على زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين، كما خططت رؤية السعودية 2030م.
وفي ضوء هذه المعطيات، والدور الحالي لوزارة الحج والعمرة، ومهامها، أقترح أيضاً أن يضاف إلى اسم الوزارة كلمة «خدمات» لتصبح «وزارة خدمات الحج والعمرة»، وهو ما يتناسب مع دور الوزارة كما قلت، ويتناغم مع النقلة النوعية في سياق نشاطاتها وأعمالها ذات الطابع الخدمي وجودتها النوعية، ويمنحها آفاقاً واسعة لممارسة دورها بحيوية وعصرية، ويتوافق مع برامج رؤية السعودية التي تستهدف النهوض باقتصاد الخدمات، وهو اقتصاد سريع النمو بشكل مستدام، وينعكس على اقتصاد المملكة من العائدات الاقتصادية المتنوعة.
أسأل الله السداد والتوفيق لقيادتنا الرشيدة ولجميع الجهات القائمة على خدمة ضيوف الرحمن، وأن يشهد هذا القطاع المزيد من الإنجازات التي تعمل بكل همة على تيسير رحلة الحاج والمعتمر وإثراء تجربته.
** **
- رئيس تحرير مجلة الحج والعمرة سابقا- مؤلف كتاب «نتشرف بخدمتكم يا ضيوف الرحمن»