منال الحصيني
من البديهي أن مقياس البداية والنهاية هو الزمن، تلك العملية التي تعنى بتقدم الأحداث بشكل مستمر من الماضي للمستقبل من خلال الحاضر.
ولعل مفهوم (طي الزمان) الذي تحدث عنه العلماء والباحثون وقرأ عنه المهتمون بهذا الشأن، هو باختصار شديد عملية لتسارع الأحداث تزيد من جريان الوقت.
أتّفق أنها لم تدرّس ولم توجد في ثنايا الكتب، ولكنها رُصدت بدلائل وقصص وآيات في كتاب الله الكريم بآيات صريحة واضحة البراهين، كقصة سيدنا محمد في الإسراء والمعراج ونبي الله سليمان حينما أُتي له العرش قبل أن يرتد إليه طرفه، والخضر والكثير، حيث لا مجال لحصره.
سيثب في ذهنك لوهلة أن ذلك حصل لأنبياء وأولياء صالحين فلا مجال للمماثلة.
دعني أُخبرك أننا كبشر في هذه التجربة الأرضية قادرون على الدخول في عملية (طي الزمان) إن أردنا، فمن المعلوم أن الزمان مرتبط بالمكان فلا وجود لأحدهما دون الآخر.
وللزمان مدار (منبسط) وآخر (منقبض) فالأول هو ما يعيشه غالبية البشر أما (المنقبض) لكي توجد فيه يتطلب الأمر منك روحاً تجلت وسمت وفهمت غاية الحياة في هذه التجربة الأرضية، فنتائج الحياة ومسارها وكذلك الوقت لديهم مختلف بتاتاً عن من هم في المدار (المنبسط).
والسبب بكل وضوح هو -اختلاف التوقيت-، فأصحاب الزمن (المنقبض) توغلوا في نواة «اللا زمان» بإرادة ووعي منهم وبمسارات ووقت ونتائج تفوق الآخرين فالأحداث لديهم تُرى بالبصيرة لا بالبصر.
لن أُبالغ إن قلت إنهم أصحاب «اللا مستحيل»، فيومنا الطويل وإنجازنا الذي يستغرق سنوات لأمر ما يُختزلُ لهم حتى يكاد كلمح البصر.
فمدارك الروح لديهم أحيطت بالمدد الإلهي أشبه ما تكون بالهبة الربانية.
الأمر أشبه ما يكون بالتصوف في ظاهِره ولكنه التسليم المطلق فلا تعلق بأشخاص ولا أحداث ولا انتظار مفرط لمستقبل.
أرواحهم توكلت فتعبدت بحب دون خوف وخالطت البشر دون افتقار، أو احتياج فأتتهم الدنيا راغمة.
لعلك صادفت أحدهم استمات لرغبته بشيء لم يستطع تحقيقه، ثم ما إن تفاجأت بتدفق سريان الحياة له وتحديداً في ما كان يطلبه آنِفاً.
وربما سمعت بآخر رُفع عنه بلاء بدعاء وتسبيح..
كلاهما سلّم الأمر ومضى في مناكب الحياة، فطوي له الزمن.
يُقال إن اللحظة الحالية التي نعيشها الآن زمنها صفر، وتلك اللحظة منذ وجود الكون هي خلق مستمر بيد الخالق.. فسبحان من لا يجري عليه زمان فنحن عنده في الماضي والحاضر والمستقبل.