خالد بن حمد المالك
ما حدث من تطورات لافتة بالمنطقة لا يثير الانتباه فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى التفكير الجيد، والقراءة المتأنية لمعرفة أبعادها ونتائجها على المدى المتوسط والبعيد.
* *
هذه التطورات بهذه السرعة، والتوسع، والنتائج، وردود الفعل الإقليمية والدولية لا تترك لنا مجالاً للهروب من تحليل الأحداث التي لم تكن تخطر على البال من حيث النتائج التي تحققت بهذه السرعة وبهذا التأثير.
* *
سقوط حزب الله في لبنان، ومقتل أمينه العام حسن نصرالله والكثير من قياداته، وقبوله بشروط إسرائيل لإيقاف القتال، تولّد عنه استسلام الثلث المعطّل، والقبول برئيس للبنان كان معارضاً له، وخروج مرشحه سليمان الفرنجية من السباق.
* *
حتى حين تسمية رئيس الحكومة، لم يكن اسمه لينال القبول من حزب الله، لو كان الحزب على وضعه السابق قبل أن يجرد من قوته العسكرية وقياداته، لكنه لم يكن أمامه من خيار آخر يفرضه على غيره لولا حالة الاستسلام.
* *
ومع سقوط الأسد، وهروبه إلى روسيا، انتهى الوجود الإيراني في سوريا، وبه انتهى تمرير السلاح لحزب الله في لبنان، وانتهى دور إيران في لبنان وسوريا، وأصبح دورها في العراق واليمن في حالة انحسار.
* *
وأصبحت المنطقة أمام فرص أفضل للاستقرار، والأمن والتخلص من التحديات التي كانت تواجه بعض دول المنطقة في اقتصادها وتنميتها، وسيطرة الدويلات الميلشية لا الدول في بعض هذه الدول.
* *
لهذا هناك تغير كبير مس دولاً بالمنطقة كانت مقلقة لجيرانها، وتقود ما لا مصلحة لها فيه، تنفيذاً لأجندة خارجية، ومصالح شخصية، دون أن تدرك أن لكل فعل نهاية، وأن الوضع غير الصحيح لن يستمر إلى ما لا نهاية.
* *
لقد عادت الدولة اللبنانية، والدولة السورية، إلى الوضع الطبيعي، تحت سيطرة الجيش في كل من الدولتين، وانتهى عهد كانت الميليشيات هي من يمسك بمفاصل هاتين الدولتين، ولم يعد بمقدورها أن تعود ثانية لبناء قوة عسكرية موازية للقوات المسلحة.
* *
وبقي على دول العالم، أمريكا ودول أوروبا تحديداً، أن ترفع العقوبات، وتمد يد التعاون مع النظام الجديد في سوريا، وتمنع الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان وسوريا، ليعود الأمن والاستقرار إلى دول المنطقة، وامتداداً إلى دول العالم.
* *
وفي هذه المرحلة يجب أن يستفيد الحوثي من هذا الدرس، ويعود إلى طاولة الحوار لإيقاف حمام الدم في اليمن الشقيق، بعيداً عن الإملاءات الخارجية، والأجندة التي لا مصلحة لليمن فيها، حتى لا يدمر اليمن كما دمرت سوريا ولبنان وقبلها العراق.
* *
كما آن الأوان لإسرائيل لتبدأ في حوار (خيار الدولتين) لإنهاء أكثر من سبعين عاماً من الصراع الذي لم يوفر لإسرائيل الأمن والاستقرار، حتى مع دعم أمريكا والغرب لها سياسياً وعسكرياً، بما لم تتمتع به أي دولة أخرى في حروبها.
* *
وآن الأوان أيضاً أن يتوقف العرب عن مغامراتهم التي كلَّفت دولهم خسائر في الأرواح، واحتلت أراض إستراتيجية مهمة من دولهم، دون أن يحققوا أية مكاسب أمام جبروت عدوهم وقوته المستمدة من القوى الكبرى في العالم.