سلمان المسعودي
بالأمس، فاجأنا الجنرال بهروز إثباتي، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، قائلاً: إن روسيا كانت أحد عوامل انهيار جيش النظام السوري. واعترف للمرة الأولى، بمرارة الهزيمة، وقال: خسرنا بشدة. مضيفاً أن هناك ثورة شعب مظلوم ضد نظام فاسد، وألقى بالعبء كله على الجانب الروسي.
من جهته صرح عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أن جيش النظام السوري: هُزم قبل أن تبدأ المواجهة!
في الحقيقة، هناك قاعدة عسكرية سطرها الفيلسوف والجنرال الصيني سون تزو، قبل نحو ألفي عام من الآن، في كتابه الشهير فن الحرب.
ذاع صيت هذا الجنرال، بسبب عبقريته العسكرية والإستراتيجية الفذة.
هذه القاعدة تقول: «إنّ نتائج المعركة من نصر أو خسارة تتقرر قبل أن تبدأ المعركة» فالمعركة في رأيه، محسومة سلفاً قبل أن تبدأ!
يتقرر ذلك في الرجال، في الإعداد، في الإمكانات في الخطط العسكرية، في الروح المعنوية. لكن، كيف تهاوت دفاعات النظام السوري، بشكل أذهل حتى أكثر المتفائلين، في قادة المعارضة السورية نفسها؟!
هناك جملة من الأسباب، قادت إلى هذه النتيجة الحتمية.
لعل من أهمها بداية الانشقاقات الهائلة، التي ضربت بنية الجيش السوري الصلبة. وبالمناسبة، فقد استمرت هذه الانشقاقات تتوالى حتى قبيل سقوط دمشق.
لقد تحول الجيش السوري، إلى آلة قتل وحشية ضد شعبه الأعزل؛ وبهذا خسر أهم عقيدة قتالية، يمكن أن يتكئ عليها أي جيش في العالم ليبقى متماسكاً، مما ساهم في الانشقاقات الكبيرة اللاحقة.
سعى النظام منذ بداية الأزمة إلى الاستعانة بالإيرانيين، والعقيدة القتالية الإيرانية أو حتى الميليشيا التابعة لها، مذهبية طائفية حتى النخاع، وكان هذا الخطأ القاتل الثاني، فأكثر من 80 % من الشعب السوري هم سُنة، وبذلك فقد النظام كل ما تبقى لديه من داعميه السنة، وإن كان الكثير منهم، يخفي ذلك لأسباب أمنية، ولا شك أن هذا، صب في مصلحة المعارضة بأشكال مختلفة.
الفساد المستشري في مناطق النظام أتى على ما تبقى من حياة و كرامة للمواطن السوري المنهك أصلاً. سرع هذا من عملية سقوط القرى والبلدات والمدن، بيد المعارضة بمجرد تحركها.
الاتكالية التي سرت إلى كل قطاعات الجيش النظامي، أفسدت هذا الجيش، وسلبت منه روح المبادرة وإرادة القتال، ففي بداية عسكرة الثورة السورية، قاتلت الميليشيات الإيرانية، والأفغانية والعراقية واللبنانية، أمام الجيش النظامي، وعلى كل الجبهات، ومنذ عام 2015، تدخل الروس بشكل رسمي في المعارك ضد المعارضة.
حين انكشف كل هؤلاء، وجد الجيش النظامي نفسه وحيداً، أمام معارضة سورية قوية ومتماسكة، لديها ما تؤمن وتقاتل من أجله، ومستعدة أيضا للموت من أجل ما آمنت به. كل هذه العوامل وغيرها،كانت الرصاصة الأخيرة، التي أودت بحياة ما كان يعرف يوماً، بالجيش العربي السوري.