خالد بن عبدالرحمن الذييب
يعتبر أفلاطون أحد أهم فلاسفة الإغريق، اسمه الحقيقي «اريستوكل» ولُقِّبَ بأفلاطون أي «العريض» كناية عن عرض كتفيه، وكان مريداً لحلقات سقراط، وبعد إعدامه اعتزل الحياة العامة، وخرج من أثينا متنقلاً بين إيطاليا، وفلسطين، ثم ضفاف نهر الغانج، وتعلَّم التفكير والتأمل من علماء الهند وفلاسفتها.
يرى أن للإنسان نفساً مجردة تعيش في عالم المُثل قبل أن تنزل إلى العالم المحسوس، بمعنى أن الإنسان ثابت وأزلي لا يتغير ولا يندثر، زيد إنسان، وعمرو إنسان يشتركان في الصفات الإنسانية، ولكن كليهما فان، فزيد وعمرو من عالم المعقولات كمثال للإنسان الموجود في عالم المُثل، والجمال كذلك مثال موجود في عالم المُثل، ولكن الأشياء الجميلة نفسها موجودة في عالم الواقع، الوردة الجميلة، المرأة الجميلة وغيرهما، كلها في عالم الواقع وقابلة للفناء، بينما الجمال ذاته أبدي في عالم المثل، وقس عليها مفاهيم الأخلاق، الفضيلة، العدالة ...إلخ.
أكثر منتجاته الخالدة للحضارة الإنسانية كانت فكرة «المدينة الفاضلة»، والتي ذكر فيها أن الفلاسفة هم الأنسب للحكم.
شكّل سقراط محوراً مهماً في حياة أفلاطون، فقد اعترض على الديموقراطية باعتبارها سبباً في إعدام سقراط، فالتصويت الذي ينتج عنه إعدام رجل عظيم مثل سقراط لا يستحق أن يكون أسلوب حكم، وفكرة شيوعية النساء والأطفال والأموال، والتي نادى بها، ينسبها أرسطو في كتابة «السياسة» إلى سقراط قبل أفلاطون.
غلطة أفلاطون أنه تأثر كثيراً بسقراط حد التقديس، وربما غلطة سقراط أنه سمح لتلميذه بأن يقدّسه، تقول إليف شافاك في روايتها قواعد العشق الأربعون على لسان التبريزي «المعلم الحقيقي لا يجذب انتباهك إلى نفسه، ولا يتوقع طاعة عمياء أو دهشة تامة منك ولكنه سوف يساعدك على تقدير نفسك الباطنية والإعجاب بها عوضاً عن ذلك، المعلمون الحقيقيون شفافون كالزجاج وهم يتركون نور الله يمر من خلالهم».
إذن المعلم الحقيقي هو من يربي فيك ثقتك بنفسك لا أن تثق به، هو من يخلق فيك تقدير الذات لا أن تعجب به، هو من تنسى شخصه وتذكر تعليماته، تنسى وصف وجهه، ولا تنسى قوة كلماته.
إذا وصلت بك الحال إلى أن تقدّس وتفنى في معلمك، فاعلم أنك وقعت في مصيدة التقديس، وإذا وقعت فيها فاعلم أن معلمك ليس معلماً، أو ربما لم تكن تلميذاً نجيباً.
أخيرًا...
لا شك أن أفلاطون أحد عظماء الفلسفة عبر الحضارة الإنسانية، ولكن مشكلته مصيدة التقديس.
ما بعد أخيرًا..
كل يُؤخذ منه ويرد، إلا صاحب قبر المدينة عليه الصلاة والسلام.