د.شريف بن محمد الأتربي
تمر حياة الإنسان منذ مولده بالعديد من الحوادث والمؤثرات والمنعطفات التي ربما تغير في مجرى حياته ككل، وغالباً ما تكون هذه المسببات عرضية لتحقق التغيير المؤثر والظاهر أمام المجتمع قبل الفرد نفسه، وخاصة إذا ارتبطت هذه التغييرات بالقناعات أو الرغبات.
يولد الإنسان على الفطرة، ويتأثر بالمجتمع المحيط به، سواء كان هذا المجتمع حضرياً أو ريفياً أو قبلياً، فهو ينخرط فيه بمجرد ولادته، فالأسرة الصغيرة التي يعيش فيها والمكونة لجزء من المجتمع الأكبر تنتهج هي نفسها نهج هذا المجتمع مما يؤثر في وجدان وفكر وتفكير المولود الجديد والذي نادراً ما يحاول الخروج عن الإطار العام للمنظومة التي يعيش فيها حتى لا يواجه بالرفض من قبل أفراد هذا المجتمع أو الوصم بالشذوذ الفكري أو المجتمعي.
فالقناعات هي الأفكار أو المعتقدات التي يؤمن بها الشخص، وغالباً ما تتشكل نتيجة للتجارب الشخصية، التعليم، والثقافة، وتؤثر القناعات على كيفية رؤية الفرد للعالم، وتحديد خياراته وأهدافه، ويمكن للقناعات أن تتغير مع مرور الوقت، خاصة عند مواجهة تجارب جديدة أو اكتساب معلومات جديدة.
القناعات هي المحرك الأساسي لسلوك الفرد سواء كان هذا السلوك إيجابيا أو سلبيا فهو يقوم به وهو مقتنع تماماً أنه سلوك صحيح، فالقناعات الأساسية تشمل الأفكار والافتراضات التي نملكها حول أنفسنا، والآخرين، والعالم المحيط بنا. إنها قناعات عميقة تغيب عن إدراكنا في أغلب الأحيان، ومع ذلك تؤثر على حياتنا باستمرار، حيث تظهر دائماً من خلال التصرفات التي نقوم بها، وحتى لو حاولنا تغيير هذه القناعات يظل أثرها باقيا في ظاهر أعمالنا.
والرغبة، هي شعور الإنسان بافتقاره إلى شيء ما، وتُوصف عادةً كشعورٍ لطيف أو توقع الأمر، وليس من الضروري تحوّل هذا الشعور إلى سلوك، وتتمثّل بالأمور التي لا يؤثّر عدم وجودها أو الحصول عليها على الحياة لكنّها تكبر داخل المرء مُجبرةً إيّاه على محاولة تحقيقها، وتُعطي شعوراً بالحزن لافتقارها.
الرغبات هي الحوافز أو الدوافع التي تحرك الإنسان نحو تحقيق هدف معين أو الحصول على شيء معين. تؤثر الرغبات على سلوك الفرد، سواء كان ذلك في السعي وراء النجاح، الحب، أو تحقيق الذات. ومن المهم تحقيق توازن بين القناعات والرغبات؛ فقد تؤدي الرغبات غير المنضبطة إلى اتخاذ قرارات غير حكيمة، وربما تؤدي إلى وقوع الفرد في مشكلات قانونية أو مخالفات لقواعد المجتمع وسلوكه، خاصة إذا طغت الرغبة على الحكمة وحُسن التصرف.