رمضان جريدي العنزي
«البلاسة» تعني الوشاية، وهي من أردى الردى، وأقبح الأفعال، وأنتن الأعمال، وأحقر الصفات، وأدنى الخساسة، ولها رائحة مثل السبخة والمستنقع، وهي خُلقٌ ذميم، وسلوك مشين، تقطع الأواصر، وتنشر الفساد، وتفرق بين الناس، وهي من أعمال إبليس، حيث لا يقدم عليها سوى الأبالسة، و»البلاس» لا مروءة عنده، ولا شهامة، ولا أخلاق قويمة، حيلته ضعيفة، وحجته واهنة، ودليله ناقص، ولهجته سقيمة، وطبعه سيء، وسلوكه مشين، وطبيعته القلقة والهمز والنميمة، يؤلمه العمل الراقي، والإبداع المتميز، وتوجعه العصامية والمثابرة والإقدام، ومساعدة الناس، يشعل النفوس حقداً وبغضاً، ويوقد للحرب بين الناس نيراناً، والبلاس له سبعون وجهاً، يأتي هذا بوجه، ويأتي الآخر بوجه، وعند كل ناس يأتي بوجه ولغة، يحاول تزيين القول، ويعمل على الوقيعة، ويستخدم أساليب الدناءة، وطرق الخديعة، يوغر الصدور، ويباعد بين الناس، ويقطع الأرحام، قال يحيى بن أبي كثير: يُفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة، ويقال: عمل النمام أضر من عمل الشيطان، لأن عمل الشيطان بالوسوسة، وعمل النمام بالمواجهة، وقال أبو حامد الغزالي: «قال الحسن: من نمَّ إليك نم عليك»، وهذا إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يُبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته. وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس والخديعة، وهو ممن يسعى في قطع ما أمر الله به أن يوصل ويفسد في الأرض، قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ. هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يدخل الجنة فتَّان)، والآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة كثيرة في هذا الشأن.
سألو الشيخ مطلق الجربا شيخ قبيلة شمر عن أطيب الطيّب وأردى الردى فقال:
أطيب الطيب (الحميّه)
وأردى الردى (البلاسه)
والشاعر جحيش بن مهاوش يقول:
ترا البْلاسه من كبار العذاريب
وترا البْلاسَه ما تطوِّل لْحاكم
يصير بعيون الرفاقه تقل شيب
ليا منه اقبل قيل هذا بلاكم
والشاعر عادل الظفيري يقول:
الله يجازي من مشى بالبلاسه
ورى خويّه ضاريٍ بالبلايس
جوّار بوّارن وصوفه خساسه
تحشم عن اسمه مزبرات النجايس
ناسٍ تدور عزها بالعساسه
ومربا الردا مبطي يقولون خايس