مشعل الصخيبر
لست متخصصاً في مجال اضطرابات السلوك والنمو، وكذلك فرط الحركة وتشتت الانتباه التي يعاني منهما بعض الأطفال من الجنسين، ولكنني أقرأ في مجالات عدة وفي فنون مختلفة من مصادر المعرفة المتنوعة، سواء في علم النفس الذي يعد الأقرب لمعرفة مثل هذه الحالات التي أصيب بها بعض الأطفال، وتعاني منها الكثير من الأسر الذين لديهم أطفال تظهر عليهم العلامات التي ذكرتها في أول المقال.
تربطني علاقات مع بعض الأطباء والطبيبات والأخصائيين والأخصائيات المتخصصين في هذا المجال بحكم عملي في الصحافة، ومعرفة كل ما هو جديد حول هذه السلوكيات ومعالجتها والذين يعملون في مراكز اضطرابات السلوك والنمو سواء التي تعمل تحت مظلة وزارة الصحة أو مراكز خاصة بمقابل مادي التي بدأت تنتشر في بعض مناطق المملكة.
الحديث هنا كيف يتم اكتشاف أن الطفل من الجنسين يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه، للأسف هناك أولياء أمور لا يعلمون أن ابنهم أو ابنتهم مصابة بهذا السلوك الذي يزداد كلما تقدم بهم العمر، فتجد المعاناة عندما يلتحق الطفل بالمدرسة في سن السادسة أو السابعة، فترى والدته أو والده أنه لا يرغب في المدرسة والتعلُّم، لأنه ليس لديه القدرة على الفهم أو الحفظ، فيقومون بتعنيفه أو ضربه أحياناً، لأنهم لا يدركون أن الطفل مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه.
بعض المعلمات والمعلمين ربما لا يتفهمون وضع الطفل لأنهم غير متخصصين في مجال تشتت الانتباه أو فرط الحركة، ونعذر جهلهم في ذلك لأنهم غير ملزمين به، فيزداد الضغط النفسي على الطالب في سنواته الأولى من الدراسة والبعض الآخر يتفهم ذلك من باب الرحمة والشفقة، فتراه يسهِّل عليه حفظ بعض الدروس والواجبات لأنه يعرف قدرته العقلية، ووزارة التعليم ممثلة بإدارات التعليم في مختلف المناطق لديهم قسم خاص بصعوبات التعلم، وبحسب مقربين يعملون في التعليم أنه عندما يطلب ولي الأمر خطاباً للمدرسة، يقوم القسم المختص بدراسته الحالة وإحالتها لمتخصصين يعملون في مراكز تابعة للوزارة أو التنسيق مع مراكز تتبع وزارة الصحة، تقوم هي الأخرى بدراسة وتقييم الحالة من الناحية السلوكية التي تشمل الذكاء والفهم والاستجابة، وبعد تقييم الحالة يوجه خطاب للمدرسة سواء بنين أو بنات بمراعاة الطالب أو الطالبة عن غيره من الطلاب، فيخفف عنه عملية الحفظ ويلخص له المطلوب حفظه ومراجعته عند الاختبارات.. هذا ليس السؤال، فوزارة التعليم لم تقصر في هذا الجانب وكذلك وزارة الصحة من خلال المراكز المتخصصة في اضطرابات السلوك والنمو.
المغزى من مقالي هذا كيف يتم اكتشاف أن الطفل مصاب بفرط الحركة واضطرابات السلوك والنمو، خاصة بعض الأسر التي تعيش في أماكن بعيدة عن المدن وعدم معرفتها أن هناك مراكز متخصصة تعتني وتقيم مثل هذه الحالات ومن ثم معالجتها وتضع لها الخطط والبرامج، للأسف البعض يعتقد أن طفله الذي تظهر عليه علامات فرط الحركة وتشتت الانتباه مصاب بالجنون أو المس، وبالتالي يلجأ للرقاة الشرعيين ظناً بأن هذا هو العلاج الوحيد له؛ وذلك لتدني المستوى التعليمي لديهم وجهلهم الذين يعذرون به.
أتمنى من وزارتي التعليم والصحة، وأنا أجزم بأن الوزارتين لن تتوانيا عن ذلك، القيام بحملة ميدانية على جميع المدارس يشرف عليها متخصصون لدراسة حالات الأطفال، خاصة الذين يدرسون في المراحل الابتدائية الأولى ومعرفة المصابين أو الذين لديهم فرط في الحركة أو تشتت في الانتباه وكذلك صعوبات في التعلُّم؛ لأن هناك أطفالاً يعانون خاصة الذين في القرى من تعامُل أسرهم معهم، وكذلك هناك معلمون ومعلمات لديهم طلاب وطالبات يواجهون صعوبة في التعامل معهم، والبعض يعتقد أن الطلاب المصابين بما ذكرته ناتج عن سوء تربية، وهذا يعطي انطباعاً لا يليق بأسرهم المحترمة والراقية الذين هم في الأساس يعانون أكثر من غيرهم.
لفت انتباهي تغريدة على منصة «إكس» لأحد المتخصصين وهو الدكتور حسين الشمراني استشاري طب النمو والسلوك للأطفال والمراهقين بروفيسور مشارك الزمالة الكندية قائلاً: «اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) هو أكثر اضطراب سلوك - عصبي انتشاراً لدى الأطفال، حيث تتراوح نسبة انتشاره بين 7 % إلى 10 % تقريباً بين الأطفال في سن المدرسة يعني في كل مدرسة تجدهم، لكن السؤال: كم منهم تم تشخيصهم؟»، انتهى كلامه.
حقيقة أنا أتفق مع الدكتور الشمراني فيما ذكره في تغريدته اتفاقاً لا يعتريه الشك بأن تشخيصهم مهم في هذه المرحلة، ولن يتم إلا عن طريق دراسة ميدانية تقوم بها وزارتا التعليم والصحة؛ لأنهما تضمان متخصصين بأعلى الدرجات في تخصصاتهم سواء أطباء أو أخصائيين.