عبدالله سعد الغانم
يروقني كثيرًا ويعجبني ما تقوم به كثيرٌ من مدارس وطني الحبيب، بدعم من وزارة التعليم من بوادر تربوية تربط بين المدارس وبين المجتمع بمؤسساته وأفراده، وهذا شيء جميلٌ ومحمودٌ يجعل دور محاضن التربية غير مقتصرٍ على التعليم، وإنما يتعدى نفعها إلى خارج أسوارها فتشارك بطلابها في ملتقيات تطوعية ومناشط كشفية ومحافل مجتمعية وزيارات تكافلية؛ تساهم من خلالها في مواساة أحد طلابها وأسرته في فقد عزيز، أو مخففةً عن مريضٍ من طلابها، منطلقة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وكم هو أثرها الإيجابي في نفس الطالب المشارك في هذه المبادرة الطيبة!
وسيبقى في ذاكرته مدى حياته، فضلاً عن أثرها في نفوس من استهدفتهم هذه البوادر الوفائية الطيبة. ولعلي أذكر موقفين اثنين استشهادًا على هذه البادرة الطيبة، حيث حصل الموقفان الجميلان من مدرستنا الثانوية بتمير الأول: حين توفي أحد طلابها - رحمه الله - ذات عامٍ، فقام أحد المعلمين بتنسيقٍ مع إدارة المدرسة وتعاونٍ مع نادي المجزل بتوفير حافلة تنقل زملاء الفقيد من المدرسة إلى الجامع، ومن ثم المقبرة للصلاة على زميلهم والمشاركة في دفنه.
أما الثاني فحين وقع حادث سير لأحد طلابها راح ضحيته والده وأصيب هذا الطالب إصابةً بالغةً، وبعد خروجه من المستشفى قامت الإدارة بمديرها الأستاذ خالد بن عبد الله الصبيح ووكيلها الأستاذ معاذ بن عبد اللطيف الحيدان وبعض معلميها مع زملاء الطالب بزيارته في بيتهم، بعد تنسيق مع بعض أقاربه للاطمئنان عليه ومواساته في أبيه - رحمه الله -، وكان لهذه الزيارة أثرٌ طيبٌ ورائعٌ في نفس الطالب وأهله، وحيث إنني حضرتُ هذا الموقف ولمستُ هذا الأثر وسرني هذا الصنيع من إدارة المدرسة ومعلميها وطلابها، فقد كتبتُ هذه القصيدة:
يصوغُ الحبَّ أصحابي
همُ في الله أحبابي
فشكرًا إخوتي شكرًا
لكم حُبِّي وإعجابي
زيارتُكم هي الفضلى
فأنعمْ أهلَ ألبابِ
خطوتم خطوةً حُسنى
رجوتم أجرَ وهَّابِ
فنِعْمَ السعيُ سعيُكمُ
طرقتم خيرَ أبوابِ
تميمٌ فيكمُ فَرِحٌ
يُحيِّي خيرَ أصحابِ
له أهلٌ عرفناهم
بإكرامٍ وترحابِ
بهم بِشْرٌ بهم لطفٌ
وحيَّونا بأطيابِ
إدارتُنا لها شكري
فقد جادت لطلابي
تربيهم على التقوى
وتدعوهم لآدابِ
جزاكم ربُّنا خيرًا
كفيتم شرَّ أوصابِ
وإني لآمل أن تستمر مثل هذه البوادر الوفائية والمناشط اللاصفية المجتمعية من مدارسنا في أرجاء الوطن الغالي الذي يزهو بقيادته الراشدة وأهله الأوفياء.