عبد الله النجدي
هذه هي الرواية الوحيدة للشاعر والمسرحي الأيرلندي أوسكار وايلد، وكأنقدر الذين يكتبون رواية واحدة أن يكتبوا شيئا مذهلا، وهنا نستحضر مارغريت ميتشل وآنا سوير وإيميلي برونتي وباسترناك. رواية متفردة لاتشبهها رواية أخرى، فصورة دوريان التي رسمها الرسام بازل هي بطل من أبطال الرواية، وهي تعكس روح دوريان قبل أن تعكس شكله، فلما رسمهابازيل كان دوريان إنسانا جميلا طاهرا، لكن مع الوقت، وبتأثير من اللورد هنري يبدأ دوريان بالتغير والانحطاط الأخلاقي، إلى هنا وكل شيء طبيعيونجده في الروايات، العبقري في الرواية هو أن هذه الصورة صارت تتحول إلى القبح مع تحول دوريان إلى الانحطاط، فصارت تشكل هاجسا يضغطعليه، بل إنها أصبحت ضميره الذي يؤنبه كلما شاهدها، حتى أنه صار فيالبداية يضع فوقها قماشا حتى لا يراها أحد، ثم مع تزايد قبحها أخفاهافي غرفة وأقفل عليها، ثم وصل به الأمر أن يقتل بازيل راسم هذه الصورة أوصانع هذا الضمير.
أيضا المميز في هذه الرواية أنها ناضحة بالحكم والأقوال البلاغية، وعبقرية وايلد تكمن في أنه أطلق هذه الحكم والأقوال البلاغية على لسان شخصيةواحدة هي شخصية اللورد هنري، فلم يجعل كل الشخصيات متشابهةالأصوات كما يحدث في كثير من الروايات. الحوار في الرواية غلب على السرد، وهذا أمر خطير، لكنه بقلم الكاتب العبقري يصبح مدهشا وساحرا، وقد نجح وايلد نجاحا باهرا في استخدام تقنية الحوار لبث هذه الحكموالأقوال البلاغية لأنها جعلها تبدو طبيعية وغير مقحمة في الرواية.